معاناة أرامل المتقاعدين: معاشات هزيلة لا تكفي للعيش الكريم 

في الحديقة المقابلة للبرلمان، تجتمع نساء مسنات، أرامل متقاعدين مدنيين وعسكريين، يرفعن شعارات تطالب بالإنصاف والعدالة الاجتماعية. 

وتقول إحدى هاته النسوة المحتجات: “ماشي غير كيموت الزوج تبقى مراتو ضايعة، (كلما مات الزوج تضيع حقوق زوجته)… أنا هنا أطالب بحقي، فلا معيل لي غير ذلك المعاش وأنا في هذا العمر”.

وبدورها، تقول نجاة، إحدى ضحايا هذه المعاشات الهزيلة: “أتلقى معاشًا لا يتجاوز 600 درهم، لا أطلب سوى العيش الكريم لي ولأبنائي اليتامى”.

“أشعر بالأسى وأنا أطالب بحقي”

بصوت مليء بالألم، تتحدث فاطمة، أرملة جندي مغربي متقاعد، إلى منصة “هنَّ” عن معاناتها بسبب هزالة معاش التقاعد، : “أشعر بالأسى وأنا أطالب بحقي وحق ابنتي في العيش الكريم بعد وفاة زوجي الذي كرّس حياته لخدمة هذا الوطن… زوجي جندي شارك في حرب الصين وأمريكا”. 

وتضيف فاطمة: “توفي زوجي منذ سبع سنوات بعد أن ألمّ به المرض، بل أمراض كثيرة كانت نتيجة سنوات من التنقل هنا وهناك كأي جندي مغربي كرّس حياته لخدمة بلده. لكن بعد وفاته، لم يتبقَّ لي وابنتي سوى 150 درهماً كمعاش شهري، رغم أنه كان يتقاضى كمتقاعد 1500 درهماً”.

“أعيش رعبًا يوميًا” 

بصوتٍ يخنقه البكاء، تتابع فاطمة: “عندما توفي زوجي، صُدمت حين تم تحديد 150 درهماً فقط كمعاش. وبعد مسار طويل من تقديم الوثائق والتوسل، تمت زيادة المعاش بمقدار 150 درهماً أخرى… الآن معاشي يصل إلى 300 درهم للشهر، أعيش منه أنا وابنتي التي لم تتمكن من الحصول على أي عمل”.

وعن أعباء الحياة، تقول فاطمة: “أعيش في بيت للورثة، وأعيش رعبًا يوميًا من أن يتم إفراغي وابنتي منه. أبيع بعض الملابس البالية فقط لكي لا نموت جوعاً… لذلك طرقت كل الأبواب من أجل تشغيل ابنتي في أي مكان تابع لمهنة أبيها، على الأقل لتخفيف المعاناة”.

“800 درهم لا تكفي لسد الحاجات” 

من جانبها، تسرد فاطمة، أرملة شرطي متقاعد، مأساتها هي وأبنائها الصغار بعد وفاة زوجها. وتقول لمنصة “هنَّ”: “بعد وفاة زوجي، لم يتبقَّ من معاشه سوى 700 درهم. تركني مع خمسة أطفال، معظمهم صغار، مما اضطرني إلى الخروج للعمل في بيع الملابس النسائية”.

وتضيف: “حاولت جاهدة طلب زيادة في هذا المعاش الزهيد، لكن دون جدوى. حيث يواجهونني بأن هذا هو المبلغ المحدد بعد وفاة زوجي المتقاعد”.

وبعد سنوات من المحاولات، حصلت فاطمة على زيادة طفيفة في المعاش، ليرتفع إلى 800 درهم، “تصوروا هذا المبلغ في ظل الغلاء الفاحش للأسعار… لا يكفيني هذا المعاش، فـ800 درهم لا تكفي لتغطية الكراء والطعام وتعليم الأولاد والملبس. أطالب بالزيادة، فقد تقدم بي العمر ولم أعد أقوى على العمل”، توضح المرأة بأسى.

في الحاجة إلى ضمان كرامة الأرامل 

فاطمة ومريم، نائبة رئيس “هيئة المتقاعدين المدنيين بالمغرب”، تؤكد أن المعاشات الحالية لا تستجيب إلا لـ5 بالمائة من احتياجات المتقاعدين وأراملهم. 

وقالت في تصريح لمنصة “هنَّ”: “في ظل تدهور القدرة الشرائية وتكاليف المعيشة المرتفعة، تعاني هذه الفئة من الإقصاء والتهميش. فمعاشاتهم مجمدة منذ أكثر من 25 سنة”.

وشددت على أن “معاناة أرامل المتقاعدين مضاعفة، حيث تتقاضى بعضهن 300 إلى 500 درهم شهرياً، ولا يزيد المعاش في غالب الأحيان عن ألف درهم. هذه الفئة تعيش على عتبة الفقر في ظل تجاهل الجهات المعنية”.

تبسيط شروط استفادة الأرامل 

تقدم “الاتحاد الوطني للشغل” بالمغرب بمقترح قانون يهدف إلى تبسيط شروط استفادة الأرامل من معاش التقاعد. 

وأوضح خالد السطي، المستشار البرلماني عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل، أن الهدف هو “حماية هذه الفئة من التهميش ومساعدتها على الاستفادة من المعاش دون شروط معقدة”.

 “الاتحاد النقابي للمتقاعدين”، بالمغرب، دعا الحكومة إلى زيادة معاشات المتقاعدين وأراملهم بمقدار 1500 درهم، مطالبًا بإنصاف الأرامل من خلال استفادتهن من معاشات أزواجهن كاملة بدلاً من 50 بالمائة، كما طالب بزيادة 5 بالمائة في معاشات الأرامل، إسوة بباقي المتقاعدين.

وفي ظل الأوضاع المزرية التي تعيشها أرامل المتقاعدين في المغرب، تبرز الحاجة الملحة إلى تنزيل مضامين الدستور على أرض الواقع، كما ترتفع المطالب لضمان كرامة هذه الفئة التي كرّست حياتها لخدمة الوطن.

اقرأ أيضا

  • عندما يتغلب الشغف.. جزائريات يتخلين عن وظائفهنّ ويتجهن نحو الحرف 

    في أعالي العاصمة وبالتحديد في "دار عبد اللطيف" التاريخية، يجتمع عدد من الحرفيين والحرفيات في تظاهرة "قرية الحرفيين"، المنظمة من طرف "الوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي"، التابعة لوزارة الثقافة، بمناسبة الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية. عند دخولك إلى دار عبد اللطيف، فإن أول شيء يلفت نظرك؛ هو تفوق حضور العارضات النساء، وما صنعته أياديهن؛ كروشيه، حلويات تقليدية،…

    تينيري مجهول|

  • عام على زلزال المغرب.. النساء والأطفال أكبر ضحايا إنتظار إعادة الإعمار

    يعيش المعطي وعائلته تحت سقف من القماش؛ في عدة خيم أصبحت لهم غرفة معيشة صغيرة مستقلة عن غرفة النوم، الخيمة الثانية مليئة بجميع الأثاث والأشياء التي تمكنوا من استعادتها بعد أن كانت مدفونة تحت أنقاض منزلهم، والتي يأملون أن يملؤوا بها منزلهم مرة أخرى، إن تمت إعادة إعماره. ويعيشون في منطقة نائية على مشارف جماعة…

    Hounna | هنّ|

  • الخادمات المنزليات.. إستعبادٌ للقاصرات في المغرب 

    رغم دخول قانون يمنع تشغيل خادمات المنازل اللواتي لم يبلغن سن الرشد؛ حيز التنفيذ في أكتوبر من السنة الماضية، إلا أن هذا القانون لم يجد طريقه بعد إلى التطبيق، بحيث لاتزال العديد من الأسر المغربية، تشغل القاصرات المنحدرات من القرى والبوادي، وتلك صورة يصفها الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان بأنها "عبودية حديثة". وجعل هذا…

    Hounna | هنّ|

  • بين المواعيد البعيدة و الأدوية غير المتوفرة.. معاناة المصابات بسرطان الثدي في تونس 

    وسط معهد صالح عزيز، تعج قاعات الانتظار بالمرضى منذ الساعات الأولى للصباح، وتشهد ممراته حركة عالية بتقدم الوقت واقتراب مواعيد انطلاق العيادات؛ هنا أطباء وممرضين، مرضى وزوار، ومرافقين وأطفال وباعة متجولون، وهناك في نهاية الممر، يستقر قسم الجراحة أين تقدم كشوفات سرطان الثدي، وهو  الجزء الأكثر اكتظاظا داخل المشفى. في قسم الجراحة، تضطرّ النسوة للجلوس…

    ريم بلقاسم|

  • الفيديوهات

  • “لم نتوصل بالدعم”..نساء الحوز يكشفن الوجه الآخر لإهمال ضحايا الزلزال

    يبدو أن بلدة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، جنوب مدينة مراكش، لن تتعافى قريبا من تبعات الزلزال الذي بعثر سبل العيش هناك، خاصة أن أغلب سكان البلدة كانوا يعيشون على نشاط السياحة الداخلية التي يجلبها ضريح مولاي إبراهيم، فالتجارة والإيواء وخدمات أخرى توفرها الساكنة، خاصة نسائها، توقفت اليوم بشكل كلي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة…

  • محاكمة عسكرية للمعارضة التونسية شيماء عيسى

    لم تغلق المحكمة العسكرية بعد، ملف محاكمة شيماء عيسى، المعارضة التونسية والقيادية في جبهة الخلاص الوطني، فقد تم تأجيل جلسة، محاكمتها إلى 10 أكتوبر، القادم.

  • ختان البنات موروث ملطخ بالدم

    تنتشر ظاهرة ختان الإناث بصورة كبيرة في عموم مناطق موريتانيا، إذ تحتل البلاد المرتبة الثامنة عالمياً. ويعتبر ختان البنات موروثاً وتقليداً في المجتمع الموريتاني ويهدف إلى المحافظة على عذرية البنات و"تهذيب شهوتهن" الجنسية، وفقا للمدافعين عنه بينما تشجب فئات اجتماعة أخرى في البلاد هذه الظاهرة.

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.