للمرأة مكانة كبيرة في المجتمع الصحراوي، قل نظيرها في المجتمعات العربية، التي توصف بأنها مجتمعات ذكوريّة أبوية، ويذهب البعض إلى وصف المجتمع الصحراوي بـ”المجتمع الأمومي”، بمعنى أن للمرأة فيه سلطة كبيرة، إذ يساند المرأة ويؤمن بحقوقها كاملة.
ولكن هذا الرأي، ليس متفقًا عليه بالإجماع، فالمجتمع الصحراوي، شأنه شأن بقية المجتمعات المغاربية، وهناك من يرى أنه يسوق للمرأة صورة غير حقيقية عن مكانتها الفعلية، ويؤكد على أن هناك من يستكثر عليها ما يزيد عن الطبخ والإنجاب، ويستأسد عليها بذكوريته طامسًا جوهر كينونتها.
تنقسم الآراء حول المرأة الصحراوية، بين مكانتها المرموقة اللافتة للانتباه، وبين طابوهات مجتمع صحراوي تسيطر عليه الهيمنة الذكورية، وبين هذا وذلك، تسلط منصة “هنَّ” الضوء على هذا الواقع، من خلال هاتين النظرتين المختلفتين تمامًا، وتطرح السؤال التالي:
أية مكانة للمرأة الصحراوية في المجتمع؟، هل هي استثناء حقًا أم أن الحقيقة مخالفة لما يروج؟.
“مكانة مهمة”
“للمرأة مكانة مهمة لا تقل أهمية عن مكانة الرجل، وقد تتجاوزها أحيانا، إذ تعتبر دعامة قوية في الحياة بالمجتمع الصحراوي،بحيث تضطلع بمهام الاستقبال وترتيب جزء كبير من المناسبات الاجتماعية، هذا إلى جانب مشاركتها في تدبير المصاريف المنزلية وتربية الأبناء”، تقول لـ”هنّ”، رباب (28 سنة)، شابة صحراوية تعمل ممرضة.
وتوضح ذلك بأنها “صاحبة المشورة في البيت، ولها قوة اقتراحية مهمة داخل الأسرة كما أنها صاحبة اتخاذ القرارات الكبرى، وخاصة تلك المرتبطة بحياتها الخاصة والزوجية، بحيث أنها تٌطلق من زوجها إن هي كرهته”.
وتؤكد رباب، على أن “المجتمع الصحراوي رغم مشرقيته، إلا أنه من بين أكثر المجتمعات انصافا للنساء، والأكثر تقبلا لكل أوضاعهن وذلك يتضح في قوة المرأة الصحراوية، وثقتها واعتدادها بنفسها، فالمحيط العائلي يربي الأطفال على احترام المرأة، واحتقار من يضربها في المجتمع، ناهيك أنها أثبتت استحقاقها لتولي كل المناصب وجدارتها في العمل بكل المجالات”.
طابوهات الحقيقة
في المقابل، تقول لـ”هنَّ”، سيناء (25 سنة)، مدافعة عن حقوق المرأة والأقليات الجندرية، “دائما أسمع أن المرأة الصحراوية تتمتع بالتمكين والقوة، وأنه لا وجود للعنف والاعتداء الجنسي في مجتمعنا الصحراوي، والشائع أن المجتمع الصحراوي مجتمع أمومي، ولكن الحقيقة هي أنه مجتمع ذكوري تحت منظومة أبوية، وهو مجتمع يقدس العادات والتقاليد”.
وترى الشابة النسوية أن “واقع المرأة الصحراوية ليس أفضل من واقع المرأة في أي مكان بالعالم العربي، لأن النساء هنّ النساء والواقع واحد، ولكن مجتمعنا يزيف الصورة الحقيقة، والسلطة دائما للرجل”، موضحةً أن المرأة “إذا أرادت أن تسافر لابد لها أن تأخذ الإذن، وللخروج لابد لها من أن ترتدي الملحفة، وإذا خرجت للشارع وتعرضت للتحرش سيقال لها لماذا خرجتِ وأن ترتدين كذا وكذا ولماذا أصلا سلكتِ ذاك الشارع؟”.
وتضيف سيناء، وهي مدونة صحراوية تكتب باسم مستعار، أن المرأة في عينهم “هي الظالمة ولو كانت هي الضحية، ويمكن لأي رجل أن يتدخل مخاطبا أباك فقط لأنه صديقه، ويقرر عن وعنه، ابنتك أصبحت امرأة فلم لم ترتدي الملحفة بعد؟، عليها أن تتستر فهذه ليست عاداتنا”.
“واقعنا الحقيقي طابو، يتمثل في أن للجميع صلاحية إعطاء الأوامر والتحكم في كيانك كامرأة، حتى عندما تتعرضين للتحرش والعنف من ذويك عليك ملازمة الصمت خوفا من كلمة -فظاحة- (فضيحة)، لأن المراة حياة المرأة تحتلها العادات والتقاليد، وهذه العادات والتقاليد للمفارقة تسبق الدين والفضيحة تُقدم على الحرام، قريبتي، تم تحرش بها، اختطافها واغتصابها، كانت قاصر، زوجوها له لستر الفضيحة كما قالوا هم، بعد أن تنازلوا عن الشكوى ضده”، تختم الشابة حديثها لـ”هنَّ”.