“لغياب الضمانات”.. عاملة مغربية تتنازل عن شكواها ضد متحرش بإسبانيا

الجمعة، 14 مارس 2025 – الزهراء (اسم مستعار لحماية هويتها)، عاملة مغربية تبلغ من العمر 41 عامًا، وصلت إلى إسبانيا ضمن برنامج GECCO للتوظيف الموسمي في قطاع الفواكه الحمراء في ولبة.

في 26 فبراير الماضي، لجأت الزهراء إلى مركز الطوارئ الطبية (SUAP) في بالوس دي لا فرونتيرا، مصابة بجروح إثر مشاجرة مع مشرف المزرعة. ووفقًا لروايتها، فقد اقتحم المشرف منزلها داخل المزرعة، وأمسك بذراعها محاولًا إجبارها على الذهاب معه إلى الفراش. 

وعندما رفضت، قام بدفعها بعنف، مما تسبب في خدوش وكدمات طفيفة وفقًا للتقرير الطبي، الذي أشار أيضًا إلى أنها كانت في حالة من البكاء والقلق أثناء سردها لما حدث. كما ذكرت الضحية أن بعض زميلاتها هرعن لمساعدتها بعد سماع صراخها.

بعد تلقيها العلاج، توجهت الزهراء إلى الحرس المدني وقدمت شكوى بتهمة الاعتداء الجنسي. لكن الشكوى سُجلت دون وجود مترجم محترف، ما أدى إلى تناقضات في التقرير الشرطي، حيث جاء فيه أنها “تجهل هوية المعتدي”، رغم أنها في ذات الوثيقة أشارت بوضوح إلى مشرف المزرعة كمعتدي عليها. 

هذه التناقضات سبق أن استُخدمت في حالات أخرى ضد الضحايا بحجة “عدم المصداقية”، تؤكد صحيفة “La Mar de Onuba” التي سلطت الضوء على القضية في تقرير لها.

تحقيقات ناقصة وتشكيك في الشكوى

لم يشمل تحقيق الشرطة إجراءات أساسية، إذ لم يتم استجواب المشرف، ولم يُستدعَ الشهود، ولم تُجرَ أي معاينة للموقع. 

فرانسيسكا روخاس، مالكة الشركة المشغّلة Fresas Casillas SL، صرّحت صحيفة “La Mar de Onuba”، بأن القضية لا تعدو كونها “شكوى كاذبة للحصول على أوراق”، مدعيةً أنها حصلت على هذه المعلومة من الحرس المدني.

في المقابل، قدمت روخاس رواية مختلفة للأحداث، مشيرةً إلى وجود مقطع فيديو يظهر الزهراء “وهي تعتدي على المشرف، وذلك بعد أن بصق الأخير في وجهها”. 

الزهراء لم تنكر وجود الفيديو، لكنها أكدت أن “ابن المالكة هو من قام بتصويره أثناء المواجهة”، ومن اللافت أن الشركة قررت نقل المشرف إلى مزرعة أخرى بدلًا من إخضاعه للتحقيق.

استدعاء لمحاكمة سريعة بدون ضمانات

رغم خطورة التهم، لم تتلقَ الزهراء أي إرشاد قانوني بشأن حقوقها كضحية اعتداء. وفي 3 مارس، زارتها دورية من الحرس المدني وسلمتها استدعاءً لمحاكمة سريعة في 11 مارس، لكن دون توفير مترجم. 

وفقًا لها، “وقّعت على الوثيقة تحت الضغط”، معتقدةً أنها “ستفقد وظيفتها وسيتم ترحيلها فورًا إلى المغرب”.

في مساء اليوم نفسه، معد هذا التقرير مساكن العاملات حيث أكدت زميلات الزهراء أنهن “لم يشهدن الاعتداء، لكنهن سمعن صراخها وشاهدنها وهي تدفع الباب لمنع المشرف من الدخول”. 

كما أوضحن أن المشتبه فيه “عاد لاحقًا برفقة ابن المالكة، الذي صور المواجهة، دون أن يتم استجواب أي منهن من قبل السلطات”.

في 4 مارس، تم نقل الزهراء إلى شركة أخرى ضمن مجموعة Fresón de Palos، حيث بدأت العمل والإقامة في مزرعة جديدة في كارتايا، ووصفت التغيير بأنه “إيجابي”.

التنازل عن القضية بسبب غياب العدالة

عشية المحاكمة، 10 مارس، تلقت الزهراء أخيرًا استشارة قانونية من نقابة CCOO، لكنها اكتشفت أن زميلاتها “لن يحضرن للإدلاء بشهادتهنّ”، وفي صباح 11 مارس، وقبل انعقاد الجلسة في محكمة “موغير”، قررت سحب الشكوى بسبب “افتقار القضية إلى الحد الأدنى من الضمانات القانونية”، مشيرةً إلى أن التحقيق “كان منحازًا وغير مكتمل، ولم يوفر لها أي حماية”.

قبِلت المحكمة التنازل وأغلقت القضية، حيث ورد في قرارها أنه “لم يتم إثبات وقوع الجريمة بما يكفي”. 

ورغم ذلك، لم يتم إبلاغ الزهراء أو محاميتها بالإجراءات التي نُفذت في التحقيق، ما يعكس انتهاكًا لحقوقها كضحية محتملة.

حالات سابقة من الانتهاكات

قضية الزهراء ليست الأولى من نوعها. ففي 2024، واجهت شركة Fresas Casillas SL اتهامات بانتهاكات العمل والمعاملة المهينة، لكن لم تُفتح أي تحقيقات رسمية، بل تم نقل العاملات المشتكيات إلى مزارع أخرى دون مساءلة الشركة.

وتظهر هذه الواقعة كيف أن العاملات الموسميات في قطاع الفواكه الحمراء يواجهن صعوبات قانونية وإجرائية في الحصول على العدالة، خاصة في ظل ضعف الحماية القانونية والاعتماد على إجراءات سريعة لا تضمن حقوق الضحايا.

وتظل تساؤلات كثيرة مطروحة حول نزاهة التحقيقات وآليات حماية العاملات، وهل سيتم اتخاذ خطوات فعلية لضمان بيئة عمل آمنة، أم ستظل هذه الحالات مجرد قصص تُطوى دون تحقيق العدالة؟

اقرأ أيضا

  • بوحِيرد.. أيقونة النضال ضد الاستعمار والاستبداد

    جميلة بوحِيرد، رمز من رموز  مقاومة الإستعمار الفرنسي في الجزائر والعالم العربي، صدر في حقها حكم بالإعدام بعد مشاركتها بما يعرف بـ"معركة الجزائر"، وقد أثارت قضيتها سخط العالم وتدخلت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة من أجل تأجيل إعدامها وإلغائه فيما بعد.  وألهمت قصة جميلة عددا من الفنانين والشعراء، حيث غنت لها المطربة اللبنانية فيروز أغنية…

    Hounna | هنّ|

  • راضية حدّاد.. المرأة التي وقفت في وجه بورقيبة

    راضية حدّاد، هي أول امرأة يتم انتخابها في البرلمان بعدما حصلت تونس على استقلالها. بدأت راضية مشوارها النضالي مبكرًا، حيث انخرطت في منتصف الأربعينيات بـ"الاتحاد الإسلامي لنساء تونس" الذي أسسته بشيرة بن مراد، وشاركت في جمع التبرعات في إطار حملة التضامن مع مساجين “الزندالة” السياسيين. وُلدت راضية حدّاد بتونس العاصمة، في الـ17 من مارس 1922، …

    Hounna | هنّ|

  • السيدة الحرة.. المرأة التي حكمت المغرب

    ولدت السيدة الحرة بمدينة شفشاون عام 1493، هي سليلة علي بن راشد مؤسس مدينة شفشاون المغربية، تلقت السيدة الحرة تعليمها على يد أشهر العلماء ورجال الدين بشفشاون، ووفقا للمصادر التاريخية فقد كانت تتميز بذكاء وحنكة نادرين.   تزوجت السيدة الحرة من القائد المنظري بتطوان وذلك حوالي سنة 1510، وكان الزواج بمثابة تحالف بين إمارة شفشاون وقيادة…

    Hounna | هنّ|

  • الفيديوهات

  • “لم نتوصل بالدعم”..نساء الحوز يكشفن الوجه الآخر لإهمال ضحايا الزلزال

    يبدو أن بلدة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، جنوب مدينة مراكش، لن تتعافى قريبا من تبعات الزلزال الذي بعثر سبل العيش هناك، خاصة أن أغلب سكان البلدة كانوا يعيشون على نشاط السياحة الداخلية التي يجلبها ضريح مولاي إبراهيم، فالتجارة والإيواء وخدمات أخرى توفرها الساكنة، خاصة نسائها، توقفت اليوم بشكل كلي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة…

  • محاكمة عسكرية للمعارضة التونسية شيماء عيسى

    لم تغلق المحكمة العسكرية بعد، ملف محاكمة شيماء عيسى، المعارضة التونسية والقيادية في جبهة الخلاص الوطني، فقد تم تأجيل جلسة، محاكمتها إلى 10 أكتوبر، القادم.

  • ختان البنات موروث ملطخ بالدم

    تنتشر ظاهرة ختان الإناث بصورة كبيرة في عموم مناطق موريتانيا، إذ تحتل البلاد المرتبة الثامنة عالمياً. ويعتبر ختان البنات موروثاً وتقليداً في المجتمع الموريتاني ويهدف إلى المحافظة على عذرية البنات و"تهذيب شهوتهن" الجنسية، وفقا للمدافعين عنه بينما تشجب فئات اجتماعة أخرى في البلاد هذه الظاهرة.

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.