عام على زلزال المغرب.. النساء والأطفال أكبر ضحايا إنتظار إعادة الإعمار

يعيش المعطي وعائلته تحت سقف من القماش؛ في عدة خيم أصبحت لهم غرفة معيشة صغيرة مستقلة عن غرفة النوم، الخيمة الثانية مليئة بجميع الأثاث والأشياء التي تمكنوا من استعادتها بعد أن كانت مدفونة تحت أنقاض منزلهم، والتي يأملون أن يملؤوا بها منزلهم مرة أخرى، إن تمت إعادة إعماره.

ويعيشون في منطقة نائية على مشارف جماعة أسني بالأطلس، وهي إحدى المناطق التي دمرها الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل عام، “في الصيف يكون الجو حارا جدا، وكأنك في حمامٍ” تقول زوجته ممازحة في اتصال هاتفي مع “هنَّ”.

وكان المعطي يكسب رزقه من بيع المعادن للسياح الذين يزورون المنطقة، ولكن بعد الزلزال، لم يرغب في ترك عائلته حتى الانتهاء من بناء منزله الجديد، لقد قام فعلًا ببناء الأعمدة، لكنه ينتظر المساعدات منذ ثلاثة أشهر؛ حتى يتمكن من الاستمرار في إعادة بناءه. 

لقد أصبحت حياتهم، مثل حياة العديد من الأسر المتضررة من الزلزال، يعيشون في دوامةٍ من الانتظار الدائم للبدء من جديد، من أجل استئناف ما كانت حياتهم قبل عام.

“إذا ركزنا على الصحة العقلية، في هرم الاحتياجات، فإن المنزل مهم للغاية… إنه الأساس”، يوضح علي، ابن المنطقة، وطالب باحث في علم الاجتماع.

وعلى الرغم من تأكديه على أنه “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به”، إلا أنه يوضح أنه لاحظ “أشياءً إيجابية خلال العام الماضي”، ويضرب المثال “التضامن الاجتماعي”، الذي كان واحدًا من الصور الأكثر شيوعا بين السكان بعد الزلزال.

ويؤكد الشاب، في حديثه لـ”هنَّ”، أن أحد التحديات الكبيرة كانت هي مشاكل الأطفال، “لقد اكتشفنا أن لديهم مشاكل في النطق، وظهر عليهم العدوان، والأرق، واضطرابات الأكل الناجمة عن الوضع المؤلم الذي تعرضوا له”. 

ولهذا السبب، قام بمعية شباب آخرين وجمعيات مدنية بإنشاء مساحات يمكنهم من خلالها مساعدة الأطفال، للشعور بنوع من الطمأنينة؛ حتى “يتمكنوا من خلال الأنشطة من محاولة تقليل القلق الذي يعانون منه”.

وتركز جميع الجهات الإنسانية، التي اشتغلت على قضية الناجين من زلزال الحوز؛ على ضرورة العمل من خلال وضع هؤلاء المواطنين في مركز الاهتمام، خاصة للنساء، نظرًا لأن المشاكل التي يعانين منها قد تفاقمت بعد الزلزال.

“من الضروري توفير مساحة آمنة لهم، حتى يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم بشكل علني ويكون لهم صوت؛ ونحن نعلم أن هذا لا يحدث في الأماكن المختلطة بين الرجال والنساء”، توضح آنا روزيس إي بيلو، منسقة الاستجابة الإنسانية لمنظمة أوكسفام في المغرب.

وتؤكد أن “المرأة التي تتحدث عن احتياجاتها فيما يتعلق بالنظافة أثناء الدورة الشهرية؛ لن تفعل ذلك أمام رجل، ولن تعبر عن حزنها أو صدمتها”.

وتقول، “في تدخلاتنا، نعمل في مساحات منفصلة، ​​وقد ساعدنا ذلك على فهم أفضل لما يحتاجه كل شخص، وأنه يمكن أن يكونوا هم من يحددون خط مساعدتنا لهم”.

ومن بين المشاريع التي أطلقوها هو ضمان قدرتهم على استئناف أو بدء نشاط اقتصادي يمنح الناجين الاستقلال المادي، مثل تعاونيات لصناعة منتجات محلية أو تربية المواشي. 

وتشير إلى أن “بعض النساء كن يقمن بالفعل بأنشطة من قبل، والآن أصبح الأمر أكثر أهمية، لأن ذلك له تأثير على الأسرة بأكملها”، مشددةً على “ضرورة تسريع عملية إعادة الإعمار”.

اقرأ أيضا

  • “صماء برتبة سامعة”.. حكاية نجاح مهندسة تونسية رغم الإعاقة 

    صماء برتبة سامعة في مجتمع الصم وسامعة برتبة صماء في مجتمع السامعين"، هذا تحكي لـ"هنَّ"، أماني شرميطي عن نفسها مختصرةً حياة الصم ومعاناتهم، وهي فعلا كما تصف، محاورة جيدة، تغني وترقص وتحب الموسيقى، تلعب وتضحك بشراهة، وتتحدث لغة الإشارات باعتبارها فاقدة للسمع منذ صغرها. التقت منصة "هنَّ"،  بأماني في إحدى المقاهي وسط العاصمة تونس، كانت…

    ريم بلقاسم|

  • الخادمات المنزليات.. إستعبادٌ للقاصرات في المغرب 

    رغم دخول قانون يمنع تشغيل خادمات المنازل اللواتي لم يبلغن سن الرشد؛ حيز التنفيذ في أكتوبر من السنة الماضية، إلا أن هذا القانون لم يجد طريقه بعد إلى التطبيق، بحيث لاتزال العديد من الأسر المغربية، تشغل القاصرات المنحدرات من القرى والبوادي، وتلك صورة يصفها الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان بأنها "عبودية حديثة". وجعل هذا…

    Hounna | هنّ|

  • الدورة الشهرية خلال رمضان.. “وصمة عار” أم أمر طبيعي ؟

    "كنت أتساءل كل شهر رمضان، لماذا يصوم إخوتي الذكور الشهر كاملا، بينما أنا رمضاني ناقص، وعليّ تعويض تلك الأيام المسروقة من الشهر بعد انتهائه… لم أكن أفهم معنى أن الحائض ممنوعة من الصوم والصلاة"، تستهل فاطمة ذات الـ32 ربيعا والمقيمة في الرباط حديثها لـ"هنّ"، مضيفة "في أول رمضان لي، طلبت مني أمي تناول الطعام في…

    Hounna | هنّ|

  • مختلفٌ عليها.. مكانة المرأة في المجتمع الصحراوي!

    للمرأة مكانة كبيرة في المجتمع الصحراوي، قل نظيرها في المجتمعات العربية، التي توصف بأنها مجتمعات ذكوريّة أبوية، ويذهب البعض إلى وصف المجتمع الصحراوي بـ"المجتمع الأمومي"، بمعنى أن للمرأة فيه سلطة كبيرة،  إذ يساند المرأة ويؤمن بحقوقها كاملة. ولكن هذا الرأي، ليس متفقًا عليه بالإجماع، فالمجتمع الصحراوي، شأنه شأن بقية المجتمعات المغاربية، وهناك من يرى أنه…

    Hounna | هنّ|

  • الفيديوهات

  • “لم نتوصل بالدعم”..نساء الحوز يكشفن الوجه الآخر لإهمال ضحايا الزلزال

    يبدو أن بلدة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، جنوب مدينة مراكش، لن تتعافى قريبا من تبعات الزلزال الذي بعثر سبل العيش هناك، خاصة أن أغلب سكان البلدة كانوا يعيشون على نشاط السياحة الداخلية التي يجلبها ضريح مولاي إبراهيم، فالتجارة والإيواء وخدمات أخرى توفرها الساكنة، خاصة نسائها، توقفت اليوم بشكل كلي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة…

  • محاكمة عسكرية للمعارضة التونسية شيماء عيسى

    لم تغلق المحكمة العسكرية بعد، ملف محاكمة شيماء عيسى، المعارضة التونسية والقيادية في جبهة الخلاص الوطني، فقد تم تأجيل جلسة، محاكمتها إلى 10 أكتوبر، القادم.

  • ختان البنات موروث ملطخ بالدم

    تنتشر ظاهرة ختان الإناث بصورة كبيرة في عموم مناطق موريتانيا، إذ تحتل البلاد المرتبة الثامنة عالمياً. ويعتبر ختان البنات موروثاً وتقليداً في المجتمع الموريتاني ويهدف إلى المحافظة على عذرية البنات و"تهذيب شهوتهن" الجنسية، وفقا للمدافعين عنه بينما تشجب فئات اجتماعة أخرى في البلاد هذه الظاهرة.

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.