خرجت النساء العاملات، اليوم الخميس فاتح ماي الجاري، في مسيرات احتجاجية بعدد من المدن المغربية، رافعات شعارات قوية تندد بالتصورات الذكورية السائدة، وتطالب بالاعتراف العادل بالعمل المنزلي غير المؤدى عنه.
“شقا الدار ماشي حكرة” هو الشعار الذي اختارته جمعية التحدي للمساواة والمواطنة لهذا العام، في إطار حملة تسعى إلى تسليط الضوء على الأعباء غير المرئية التي تتحملها النساء داخل بيوتهن، خصوصًا العاملات غير المهيكلات والنساء في وضعيات هشّة. وتشكل هذه المبادرة بداية لمسار ممتد لإعادة الاعتبار للعمل المنزلي بوصفه جزءًا أساسيًا من الاقتصاد المجتمعي والأسري.
وتقول لـ”هنَّ” بشرى عبده، المديرة التنفيذية للجمعية، خلال إطلاق الحملة: “حين نسلط الضوء على العمل المنزلي غير المرئي، فإننا نُساهم في تفكيك الصور النمطية، ونؤسس لعقد اجتماعي أكثر عدلًا داخل الأسرة. لقد آن الأوان لتسميته، إبرازه، وتقاسمه.”
وتُظهر المعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أن النساء المغربيات يقمن بأكثر من 90 بالمائة من مجموع الوقت المخصص للأعمال المنزلية، بمعدل يومي يبلغ خمس ساعات، مقابل 43 دقيقة فقط للرجال.
“خلل زمني صارخ”، تقول عبده، يُلقي بثقله على المسارات المهنية والشخصية للنساء، ويُعيق تحقيق المساواة الفعلية في الفضاءين العام والخاص.
ولم تكتفِ الحملة بإثارة الوعي، بل أُطلقت كمشروع وطني متكامل يحمل عنوان “شقا الدار ماشي حكرة”، ويمتد إلى غاية شتنبر 2026، بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبشراكة مع شبكة من الجمعيات الوطنية. ويهدف المشروع بشكل عملي إلى تقليص ساعة واحدة يوميًا من الوقت الذي تخصصه النساء للأعمال المنزلية، داخل العائلات المستهدفة.
ويندرج هذا المشروع ضمن البرنامج الإقليمي “Dare to Care”، وهي مبادرة تروم تفكيك التصورات الذكورية التقليدية، ومراجعة المعايير الاجتماعية التي تُكرّس التمييز الجندري، من أجل تمكين النساء اقتصاديًا واجتماعيًا في المنطقة العربية.
وسائل مبتكرة لحشد التغيير
تعتمد الحملة على تعبئة شاملة متعددة الأجيال، تشمل حملات رقمية موجهة للشباب، عروضًا رياضية وفنية، مسرحًا متنقلًا، ولوحات حضرية تفاعلية. كما تشجع على إنتاج محتوى إبداعي هادف – من فيديوهات، وبودكاست، وأفلام قصيرة – يتم تصميمها بالشراكة مع الشباب ومن أجلهم.
ولتعزيز البُعد العملي، ستُطوّر الجمعية تطبيقًا محمولًا يتيح للأسر تتبع وتقييم توزيع العمل المنزلي اليومي بين أفرادها، مما يُوفر أداة دقيقة لقياس التغييرات وتحليل الأثر.
نحو عقد اجتماعي أكثر عدلًا
وتسعى الحملة إلى إحداث تحول بنيوي في إدراك وتقاسم العمل المنزلي بين النساء والرجال، والتوقف عن اعتباره “مساعدة عرضية”، والاعتراف به كمكوّن جوهري للحياة اليومية، يستحق التقدير والتوزيع العادل.
ويأتي المشروع في سياق التزامات المغرب الوطنية والدولية في مجال تمكين النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين.
وفي يوم عالمي يُحتفى فيه بالعمل، تذكّر هذه الحملة بأن كل جهد يُبذل داخل البيت، يستحق أن يُرى، يُثمّن، ويُشارك بإنصاف.