شذى الحاج مبارك تدخل في إضراب مفتوح عن الطعام: “جسدي ينهار داخل الزنزانة”

دخلت الصحفية التونسية شذى الحاج مبارك، المعتقلة في سجن “المسعدين” بسوسة، في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الأربعاء 14 ماي 2025، احتجاجًا على ما وصفته بـ”الإهمال الصحي المتعمد” الذي بات يُهدد حياتها داخل السجن، في ظل تدهور حالتها الصحية وغياب أي تجاوب فعلي مع طلباتها المتكررة لتلقي العلاج.

وفي رسالة مؤثرة نقلتها شقيقتها توصلت منصة “هُنَّ” بنسخة منها، قالت شذى: “جسدي لم يعد يحتمل.. أعاني من ارتفاع ضغط الدم على مستوى العينين، وآلام حادة في العمود الفقري، ومفصل الكتف، ومعصم اليد اليمنى”.

“لم أعد أتناول المسكنات لأن معدتي لم تعد تتقبلها، وأصبحت أتقيأ كثيرًا وأفقد الوعي من شدة الألم”، تضيف الصحيفة المعتقلة في ذات الرسالة.

صحفية وراء القضبان بسبب تحقيقات

تواجه شذى الحاج مبارك، المعروفة بمواقفها النقدية، تهمًا تتعلق بـ”نشر أخبار كاذبة والمسّ بهيبة الدولة”، على خلفية أعمال صحفية تناولت شبهات فساد في بعض المؤسسات العمومية. 

وتم توقيفها منذ أشهر في ظروف أثارت استنكارًا واسعًا في الأوساط الصحفية والحقوقية داخل تونس، حيث اعتُبر اعتقالها “جزءًا من تضييق متزايد على حرية الصحافة والرأي”.

ورغم مرور أسابيع على اعتقالها، لم تُعيّن بعد جلسة الاستئناف في قضيتها، مما “يقيّد بشكل إضافي حقها في الدفاع والتواصل مع محاميها، ويزيد من معاناتها النفسية والصحية”، حسب مصادر من عائلتها.

إهمال طبي وغياب الاستجابة

تشير شذى في رسالتها إلى أنها نُقلت في أكثر من مرة إلى المستشفى، دون أن تتلقى توضيحات حول حالتها أو العلاجات المطلوبة. 

وأكدت شذى أنه “كلما نقلوني، لا أعلم شيئًا عن وضعي الصحي. أقوم ببعض الفحوصات، ثم يعيدونني إلى السجن دون علاج أو متابعة”.

ورغم توصية طبيب بإجراء فحوصات دقيقة على العمود الفقري وربما تدخّل جراحي، إلا أن إدارة السجن تجاهلت مطالبها، ولم تستجب حتى لطلباتها المتكررة لمقابلة المسؤولين.

صرخة إنسانية في غياب المحاكمة

تتابع شذى، في رسالتها المؤلمة، “قبلت سلب حريتي، لكن لم أعد أحتمل خطر فقدان صحتي. إضرابي عن الطعام هو آخر ما أملك لأحتج… أخشى أن يمثل وضعي الصحي خطرًا على حياتي”.

وتؤكد شقيقتها أن الاتصال انقطع فجأة، بعد أن أوصتها شذى “بنقل صوتها إلى العالم”، خاصة أن المحامين ممنوعون من زيارتها في هذه المرحلة إلى حين تعيين جلسة استئناف.

دعوات حقوقية عاجلة: “الحق في العلاج ليس ترفًا”

في ظل هذا الوضع المتدهور، تطالب عائلة شذى وعدد من النشطاء الحقوقيين والمهنيين الصحفيين بتدخل عاجل لضمان حقها في الرعاية الطبية ووقف ما وصفوه بـ”المعاملة اللاإنسانية”.

وأعربت منظمات مثل “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان”منظمة ” ومراسلون بلا حدود” عن قلقها العميق من استمرار اعتقال شذى في ظروف غير إنسانية، محذّرة من أن حرمان المعتقلين من العلاج يُعدّ خرقًا صارخًا للمعايير الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و”قواعد نيلسون مانديلا” الخاصة بمعاملة السجناء.

وتطالب هذه الجهات بالإفراج المؤقت عنها أو على الأقل ضمان تلقيها العلاج فورًا، في انتظار جلسة محاكمة عادلة تحترم قرينة البراءة وتُراعي وضعها الصحي الحرج. 

هذا، وتمثل قضية شذى الحاج مبارك نموذجًا صارخًا لتقاطع الانتهاك المزدوج لحرية الصحافة والحق في الصحة، حيث وجدت الصحفية نفسها خلف القضبان بسبب عملها المهني، وتواجه في الوقت ذاته إهمالًا طبيًا يهدد حياتها. 

وبين التأجيل القضائي المستمر والحرمان من العلاج، يتحول الاحتجاز إلى أداة قمع صامتة، في غياب ضمانات المحاكمة العادلة، كما يجمع على ذلك كل المطالبين لها بالعدالة. 

ما تطالب به شذى اليوم ليس سوى حقها الأساسي في الكرامة والعلاج، وهو حق يجب أن يسبق كل الحسابات السياسية أو القضائية، ويضع الدولة أمام مسؤولياتها الدستورية والأخلاقية. 

وتجدر الإشارة إلى أن الصحفية شذى الحاج مبارك اعتقلت في أوائل سنة 2025، على خلفية محتوى إعلامي نشرته تناول شبهات فساد داخل مؤسسات عمومية تونسية. 

ووُجهت إليها تهمٌ تتعلق بـنشر أخبار كاذبة، المسّ بهيبة الدولة، والتحريض على مؤسساتها، وذلك بموجب قوانين يعتبرها كثير من الحقوقيين فضفاضة وتُستخدم لتقييد حرية التعبير.

وبعد توقيفها، أُودعت سجن “المسعدين” بمدينة سوسة في انتظار المحاكمة، لكن تم تأجيل جلسات الاستئناف لأسباب إجرائية لم تُعلن بشكل واضح، ما حرمها من التواصل المنتظم مع محاميها، وفاقم من حالتها النفسية والجسدية.

اقرأ أيضا

  • المغرب وموريتانيا وتونس.. احتجاز واضطهاد المهاجرات  والمهاجرين بتمويل أوروبي 

    طورت كل من المغرب وتونس وموريتانيا "نظاما" ضد الهجرة غير النظامية؛ يتم فيه "احتجاز وإبعاد آلاف المهاجرين من ذوي البشرة السوداء وتركهم في المناطق الصحراوية"، وفقا لتحقيق استقصائي شاركت فيه مجموعة من الصحف الدولية. وذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، التي شاركت في هذا التحقيق الصحفي مع المنظمة الهولندية غير الحكومية "Lighthouse Reports" وثماني وسائل إعلام…

    Hounna | هنّ|

  • “هِمَمْ”: الصحافية لبنى الفلاح تواجه مضايقات ممنهجة 

    تواجه الصحافية المغربية لبنى الفلاح، مديرة جريدة "الحياة اليومية"، سلسلة من المضايقات والتضييقات المهنية والقضائية، في سياق تبنيها لقضايا المعتقلين السياسيين في المغرب.  ووفقًا لـ"الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين" (هِمَمْ)، فقد تعرضت الفلاح لعقوبات تأديبية، وتهديدات من جهات رسمية، وحملات تشهير، بالإضافة إلى محاكمتها بسبب مقال لم تنشره، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن حرية الصحافة…

    Hounna | هنّ|

  • تزوج قاصرًا واستعبدها لسنوات.. محكمة إسبانية تدين مغربيًا بالسجن 8 سنوات

    في ربيع عمرها الخامس عشر، فقدت الفتاة المغربية، ريم، طفولتها وخلفت وراءها أحلام الدراسة والصداقة، لتحلّ محلها جحيمٌ من العبودية الجسدية والنفسية تحت مسمى “الزواج الشرعي”. عُقد قران ريم، في المغرب بـ"زواج الفاتحة"، وفقًا للشريعة الإسلامية، لكن هذا الزواج لم يُصادق عليه قانونيًا في إسبانيا، وبحجة الشرعية الدينية، استغل المتهم – وهو رجل مغربي (44…

    Hounna | هنّ|

  • روبورتاج| تعليم أبناء المهاجرين في موريتانيا.. حق مكتسب أم حسنةٌ إنسانية؟ 

    مدرسة صغيرة في شمال موريتانيا، تقوم بتقديم دروس مجانية لمئات الأطفال من عشرين دولة إفريقية وصلت عائلاتهم إلى نقطة مدينة نواذيبو الساحلية، والشهيرة بانطلاق قوارب الهجرة إلى أوروبا، تحديدًا جزر الكناري الإسبانية. تتلو مريم دروس الجمع والطرح كما لو كانت ابتهالا دينيا، بينما يشير ثيوفيل ميرلين، مدرس الرياضيات، بمسطرة إلى السبورة، فيما يندفع الأطفال مع…

    ليلى محمد|

  • الفيديوهات

  • “لم نتوصل بالدعم”..نساء الحوز يكشفن الوجه الآخر لإهمال ضحايا الزلزال

    يبدو أن بلدة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، جنوب مدينة مراكش، لن تتعافى قريبا من تبعات الزلزال الذي بعثر سبل العيش هناك، خاصة أن أغلب سكان البلدة كانوا يعيشون على نشاط السياحة الداخلية التي يجلبها ضريح مولاي إبراهيم، فالتجارة والإيواء وخدمات أخرى توفرها الساكنة، خاصة نسائها، توقفت اليوم بشكل كلي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة…

  • محاكمة عسكرية للمعارضة التونسية شيماء عيسى

    لم تغلق المحكمة العسكرية بعد، ملف محاكمة شيماء عيسى، المعارضة التونسية والقيادية في جبهة الخلاص الوطني، فقد تم تأجيل جلسة، محاكمتها إلى 10 أكتوبر، القادم.

  • ختان البنات موروث ملطخ بالدم

    تنتشر ظاهرة ختان الإناث بصورة كبيرة في عموم مناطق موريتانيا، إذ تحتل البلاد المرتبة الثامنة عالمياً. ويعتبر ختان البنات موروثاً وتقليداً في المجتمع الموريتاني ويهدف إلى المحافظة على عذرية البنات و"تهذيب شهوتهن" الجنسية، وفقا للمدافعين عنه بينما تشجب فئات اجتماعة أخرى في البلاد هذه الظاهرة.

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.