دخلت المحامية والسياسية زبيدة عسول السباق نحو كرسي الرئاسة في مارس الماضي٫ حيث كانت أول من أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في الجزائر٫ ترشح رافقه الكثير من الجدل، انتهى برفض ترشحها لرئاسة الجمهورية الجزائرية.
تعتبر عسول واحدةً من أبرز وجوه المعارضة في الجزائر، حيث انضمت إلى حركة “مواطنة” في يونيو 2018، وهي حركة التي ناضلت ضد فترة رئاسة بوتفليقة الخامسة، وتمثل صورةً بارزة عن الحراك الشعبي الذي طالب بتغير النظام آنذاك، كما دافعت عن المعتقلين السياسيين، النشطاء والصحافيين المسجونين خلال الحراك.
وتولت عسول مناصب مهمة في الدولة، حيث كانت أول امرأة تشغل منصب إطار سامي في تاريخ وزارة العدل الجزائرية، وبدأت حياتها المهنية قاضية للأسرة في عام 1982، كما كانت عضوًا في المجلس الانتقالي الوطني سنة 1994، وترأس اليوم حزب “الإتحاد من أجل التغيير والرقي”.
في هذا الحوار سنتعرف على مسيرة امرأة متعددة القبعات؛ فهي المحامية والسياسية والقاضية، نسألها عن اختيارها ممارسة القانون، وكيف دخلت معترك السياسة؟، وما هي دوافع ترشحها للانتخابات؟، وكذلك عن الخطوط العريضة لبرنامجها الانتخابي.
مرحبا بك سيدتي في هذه المقابلة، أنت وجه معروف جدا في الجزائر ولكن كيف تقدم زبيدة عسول نفسها لجمهور منصة “هنَّ”؟:
أنا محامية وسياسية جزائرية، رئيسة حزب “الاتحاد من أجل التغيير والرقي” منذ عام 2013. تخرجت من جامعة قسنطينة في عام 1980 بشهادة في القانون الخاص، كنت منخرطة في إتحاد الحقوقيين الجزائريين حيث كنت مكلفة بالتشريع، سنة 1986 نظمت ملتقى في مدينة باتنة بالشرق الجزائري، حول عدم استجابة النصوص القانونية مع الدستور، وكان الوزير حاضرا آنذاك، الملتقى حقق نجاحا باهرا، ما جعل الوزير يقوم بتعييني في منصب نائب مدير حماية الأحداث في وزارة العدل، كما تقلدت عدة مناصب حيث كنت أول امرأة إطار سامي في وزارة العدل منذ استقلال الجزائر، كنت نائبة مدير القضاء المدني، سنة 1989، كما كنت أول مفتشة في الوزارة سنة 1990.
التحقت بالأمانة العامة للحكومة، شاركت في تشكيل المجلس الوطني الانتقالي في ماي 1994، بعد توقيف المسار الانتخابي، ساهمت في تغيير العديد من القوانين لما كنت عضو في المجلس؛ حيث حققت أكبر عدد من التدخلات والتعديلات.
عملت أيضا مستشارةً لدى المحكمة العليا، خرجت للتقاعد التلقائي في عمر 42 سنة، كنت من مؤسسات الشبكة القانونية للنساء العربيات سنة 2005، ومع مرور الوقت اقتنعت بضرورة النضال الجماعي٬ فأسست حزب “الإتحاد من أجل التغيير والرقي” سنة 2012، واتجهت بعد ذلك للمحاماة وهي مهنتي الحالية.
كيف امتهنت زبيدة عسول مهنة القضاء؟

اختيار مهنة القضاء والقانون نابع من قناعتي، فمنذ طفولتي كنت أريد أن أكون قاضية لكي أبسط العدل لانه أساس تماسك المجتمع ورفاهيته٬ أنا خريجة المدرسة العليا للقضاء، كما التحقت بعد ذلك بالمعهد العالي للقضاء، وعملت قاضيةً في مجلس قضاء مدينة أم البواقي.
ما هي دوافعك للترشح للانتخابات الرئاسية؟

أي شخص أنشأ حزب سياسي، من المفروض أن يكون طموحه هو أن يقدم بديلًا سياسيًا للشعب، وأن يصل للسلطة لكي يقدم هذا البديل؛ لأن الحوكمة في البلاد غير عقلانية بشهادة السلطة نفسها.
نحن لا نهتم بمشاكل المواطن، كما أنه مستقيل من العملية السياسية، جربت المقاطعة في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وفي انتخابات 2019 ٬ لكنها لم تأتي بنتيجة، بل العكس خسرنا العديد من المكتسبات.
الاستقالة من العمل السياسي لا تحدث التغيير، وهمي الوحيد منذ 12 عاما هو رفع الوعي العام لدى المواطن، السياسي لديه عمل بيداغوجي قبل كل شيء، كما أن العملية السياسية عملية تراكمية، وكل جيل قدم نصيبه من النضالات، والآن يأتي دورنا كي نقدم للجزائر الأحسن، نبني دولة القانون والحريات، التي تعتبر من بين أهداف الحراك الذي دستره الرئيس الحالي للبلاد.
ما هي الخطوط العريضة لبرنامجكِ الانتخابي؟
يركز برنامجي الانتخابي على ثلاثة نقاط، على النموذج الاقتصادي٬ حماية الأسرة، ودولة القانون، وسأعتمد على نموذج اقتصادي سوسيو ليبرالي، يشجع على إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البديلة لاقتصاد الريع٬ كما سأقوم بوضع آليات تقييم ومساءلة مع الاهتمام بالفئات الهشة، والتوزيع العادل للثروة، سنقوم بإجراءات عملية من أجل تنويع الاقتصاد من خلال التأسيس لعملة دينار ثقيل؛ قابل للتحويل مع نظام بنكي يشجع الأجانب على الاستثمار في بلادنا، مع ضرورة وجود استقرار تشريعي وعدالة مستقلة٬ لأن الجزائر تعاني من تواجد حجم نقدي كبير من العملة الصعبة في السوق السوداء؛ تقدر بخمسين مليار دولار حسب الخبراء٬ وبرنامجي يعطي الأمل للشباب حتى لا يغادر البلاد.
كيف تنوين مكافحة الفساد؟
منذ سنوات لم أتوقف عن الحديث عن مكافحة الفساد، والعديد من المؤسسات التي أسست لمكافحته هي مجرد جيوب له للآسف٬ والقضاء عليه يكون عبر إصلاح الإدارة ومنح فرص متساوية للمواطنين، وتغيير طريقة تعيين الولاة، وتعزيز مكتسبات الجماعات المحلية.

بالنسبة للسياسة الخارجية ما هي خططك؟
السياسة الخارجية الجزائرية، مبنية على عقيدة كانت نتاج نضالات عبر قرون؛ في برنامجي أنوي الحفاظ على هذه العقيدة، لكن مع تغيير في آليات الممارسة٬ مثلا الجزائر لم تستثمر في إفريقيا رغم العلاقة التي تربطنا بعدة بلدان إفريقية، الرئيس بوتفليقة لم يزر ولا دولة إفريقية طيلة عشرين سنة، والرئيس الحالي أيضا٬ بل العكس لدينا عدة مشاكل سياسية مع مالي والنيجر،
وساعزز من دور الدبلوماسية وأعطي لها الإمكانيات الكافية لكي تلعب دورها في امتصاص الصراعات والنزاعات المحتملة والحقيقية.
تخصصين جزءا مهما من برنامجك الانتخابي لحماية الأسرة كيف سيتم ذلك؟

كنت قاضي أحوال شخصية في بداية مشواري٬ ونضالي كان في الميدان٬ ولذلك أولي اهتماما كبيرا للأسرة، واقترحت من خلال برنامجي تسجيل منزل الزوجين باسم الزوجين، حتى لا تجد المرأة نفسها في الشارع هي وأطفالها.
تعديل قانون الأسرة وخاصة المادة 66 التي تحرم المرأة من أولادها في حالة إعادة الزواج ضرورة٬ هذا القانون غير ملائم لأنه صدر في القرن الماضي٬ اليوم نعيش عصرا آخرًا مختلفًا تمامًا، ولذلك سأسعى إلى القيام بجلسات وطنية لتقييم قانون الأسرة؛ يشارك فيها الجميع من قضاة٬ حقوقيين وجمعيات الدفاع عن حقوق المرأة .
لقد كرس الدستور الجزائري المساواة في الحقوق بين المواطنين والمواطنات٬ سأطبقها على أرض الواقع٬ سأعمل علي إنشاء محكمة الأسرة مدعمة بمساعدين اجتماعيين٬ نفسانيين ومختصين٬ من خلال برنامجي أسعى لحماية الأسرة من العنف، سأعمل على أن تكون لكل امرأة الحق في دور الحضانة حتى الماكثة في البيت. أؤمن بضرورة إعادة النظر في البرنامج التربوي وسأقضي على الدروس الخصوصية.
حسب العديد من المنظمات الحقوقية تعاني حرية الصحافة في الجزائر من تدهور كبير.. كيف ستعمل زبيدة عسول على الرقي بحرية الصحافة في البلاد؟
قمت بالدفاع عن العديد من الصحافيين الذين دخلوا السجن بسبب عملهم الصحفي منذ سنة 2018، لذلك أعلم جيدا الوضعية٬ من خلال برنامجي سأدعم وصول الصحافيين للمعلومة، فهذا الحق مكفول دستوريًا. وسأحترم مواد الدستور المتعلقة بحرية التعبير والولوج إلى المعلومة، سأضمن احترام مهنة الصحافة، لكن مع تنظيمها ووضع أخلاقيات للمهنة، وسأعيد النظر في توزيع الإشهار وآلياته من أجل صحافة ذات مصداقية وجودة.
كيف كانت عملية جمع استمارات الترشح للانتخابات؟
كانت صعبة جدا، وقد اخترنا التوجه للمواطنين٬ حرمنا من ثلاثة أشهر بسبب تقديم الانتخابات الذي كان مقررًا في شهر ديسمبر 2024، كما أن تنظيم جمع التوقيعات في فترة امتحانات البكالوريا والامتحانات الجامعية؛ صعب من عملية جمع الاستمارات.
وكل هذه المؤشرات لا تشجع ولا تسمح للمواطنين أن يسجلوا أنفسهم في القوائم الانتخابية، بالإضافة إلى فترة الصيف والأعياد٬ السلطة الوطنية للانتخابات؛ ضاعفت من صعوبة العملية عبر وضع آليات جديدة غير مجربة لجمع الاستمارات٬ والظروف غير مناسبة لحظوظ متساوية لجميع المرشحين، دون نسيان استعمال وسائل الدولة من إعلام ومؤسسات لفائدة الرئيس المترشح.
اذا نجحت زبيدة عسول في الوصول للحكم ما هي أول خطوة ستقوم بها؟
أول شي أقوم به هو حوار وطني، يجمع كل الأطراف و التوجهات السياسية؛ من أجل مستقبل أفضل للجزائر والوصول إلى حل يضمن استقرار البلاد.
تجدر الإشارة، إلى أن هذه المقابلة، كانت قبل رفض ترشح زبيدة عسول، ففي النهاية لم تنجح عسول في جمع الاستمارات اللازمة للترشح لانتخابات 7 سبتمبر المقبل٬ حيث قبلت ملفات ثلاثة مرشحين رجال من بينهم الرئيس عبد المجيد تبون، ورفضت ملفات 13 آخرين٬ هذا الفشل لم يثبط من عزيمة القاضية السابقة٬ حيث صرحت لوسائل الإعلام أن مشروع حزبها متواصل ولن يتوقف رغم رفض ترشحها.
وقالت عسول في تصريحها ”استفدنا كثيرا من هذه التجربة٬ بالنسبة لي هي نجاح كبير لأن مشروعي جند شبابًا لم يهتم يوما بالسياسة، وقد عملنا وتعبنا بجدية وبطرق حديثة من أجل عمل سياسي جديد يتلاءم مع تطلعات الشباب الجزائري”.