ذكرى “20 فبراير” بعيون نسائية.. “حركة أسقطت جدار الخوف”

صدحت حناجرهم قبل 14 سنة من اليوم، وهي تلهج بشعار “حرية، كرامة، عدالة اجتماعية”، فكانت مطالبهم رغم بساطتها جوهرية، وذات مغزى؛ نظام سياسي ديمقراطي متوازن، خدمات اجتماعية تليق بجميع المغاربة، وتمكين المواطنين من عيش كريم يحفظ كرامتهم.

رغم صغر سنهم، حمل شباب “20 فبراير” من الوعي ما يكفي للمطالبة بالتغيير والإصلاح، مؤمنين بأن الحق لا يُمنح، بل يُنتزع بالنضال السلمي والإرادة الجماعية. 

تكللت هتافاتهم، التي جاءت في سياق “الربيع العربي”، بتعديل حكومي، وإعلان عن دستور جديد يستجيب لتطلعات الناشطين، لكن الأسئلة حول التغيير الحقيقي ظلت معلقة إلى الآن.

لذلك بات لزاما تقييم أثر “20 فبراير” ومدى تحقيق مطالبها على أرضية الواقع. فهل استطاعت هذه الدينامية الشبابية إحداث تغيير ملموس في المشهد السياسي والاجتماعي؟ هل استجابت الدولة، ولو جزئيا، لمطالب الحراك؟ وأين يقف المغرب الآن مقارنة بأحلام أولئك الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع ذات يوم بأمل لا ينطفئ؟

“هنّ” تستقصي اليوم آراء ناشطات في الحركة، كن وما زلن متشبثاتٍ بروح “20 فبراير”، مؤكدات أن مطالبهن لا تزال قائمة رغم تغير السياقات والظروف السياسية والاجتماعية. فبين من ترى أن الحراك نجح في إحداث وعي مجتمعي عميق، ومن تعتبر أن التغيير المنشود لا يزال بعيد المنال، تتنوع وجهات النظر، لكنهنّ يتفقنّ جميعا في نهاية المطاف على الإصرار وضرورة مواصلة درب النضال مهما تفرقت السبل، من أجل العدالة والمساواة والإنصاف، فيما يخدم الصالح العام لجميع المغاربة، من شمال المغرب إلى جنوبه.

الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تزداد صعوبة 

هدى سحلي، ناشطة حقوقية بصمت على مسار نضالي حافل، حيث أسست بعد “20 فبراير” منظمة غير حكومية، وهي “مجموعة نساء شابات من أجل الديمقراطية”، التي تعد من التنظيمات التي تشكل إضافة نوعية في الساحة النضالية، لا سيما وأنها تنظيم تتخذه الشابات الفبرايرات وسيلة للاستمرار في النضال، من أجل المساهمة في تغيير الأوضاع من مداخل متعددة.


كما يحرص هذا التنظيم على التشبيب بمقاربة مستديمة، حيث حدد سن 35 كحد أقصى شرطا من أجل تولي مسؤولية القيادة داخل الجمعية، “وهو ما نعتبره تمرينا ديمقراطيا للتداول على المهام والمسؤوليات، وإعطاء الفرصة للشابات والشباب”، حسب تعبير هدى.

من خلال العمل الجمعوي والصحافة والدراسة، تمارس هدى شغفها السياسي من مواضع مختلفة، لتستمر في نضالها الحقوقي من أجل الديمقراطية وإحقاق العدل.

في تصريحها لهذه المنصة، تعتبر هدى أن “20 فبراير” كانت لحظة فارقة في تاريخ المغرب السياسي، ليس فقط لأنها دفعت إلى تعديل دستوري، بل لأنها كشفت عن ديناميات جديدة في العلاقة بين الدولة والمجتمع، غير أن هذه الدينامية لم تُستثمر بالشكل الذي يصنع تغييرا جوهريا على المستوى السياسي والدستوري والاجتماعي.

متأسفة، ترى هدى أن الحركة لم تُؤتي أكلها بالشكل المطلوب، “صحيح أن دستور 2011 كان أهم نتيجة مباشرة للحركة، إذ دفعت إلى تعديلات منحت الحكومة والبرلمان صلاحيات أوسع، غير أن الممارسة لأكثر من عقد أثبتت أن القرارات الاستراتيجية لازالت بيد المؤسسة الملكية والمحيط التكنوقراطي، بينما بقي الفاعل المنتخب محدود التأثير، بل ومتقاعس عن أداء دوره واستغلال مساحات العمل الجديدة التي أقرها الدستور”.

واعتبرت أن الأحزاب السياسية لم تواكب الدينامية، ولم تنتج نخبا قادرة على تأطير الشارع أو تقديم رؤى سياسية مستقلة، مما جعل المشهد الحزبي أكثر ضعفا، وأعاد الحياة السياسية إلى وضعها التقليدي السابق، الفاقد للمصداقية.

أما على مستوى الحريات والحقوق، اعتبرت هدى أن البلاد عرفت انتفاحا نسبيا في بعض المراحل، لكن سرعان ما تراجع هامش الحريات مع استمرار التضييق على الصحافيين والناشطين السياسيين، ولذلك “ظلت المطالب الاجتماعية والاقتصادية التي نادت بها الحركة، مثل العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، وإصلاح التعليم والصحة، دون حلول جذرية، مع اتساع الفجوة الاجتماعية”.

كما تطرقت الناشطة إلى عدد من المشاكل التي تتخبط فيها البلاد اليوم، منها تراجع دعم المواد الأساسية، وتحرير الأسعار في بعض القطاعات، مع بروز موجة غلاء غير مسبوقة أثقلت كاهل المواطن البسيط. وعلى الرغم من أن المغرب شهد استثمارات في البنية التحتية والمشاريع الكبرى، ترى هدى أن انعكاسها على التشغيل ظل محدودا، “فالدولة ركزت على جلب الاستثمارات الأجنبية، لكنها لم تضع سياسات قوية لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري لأي اقتصاد قادر على خلق فرص عمل مستدامة”، على حد وصفها.

وتزيد هدى في هذا الباب: “الوضع يعكس تناقضات عميقة، فمن جهة، هناك خطاب رسمي يروج لصورة المغرب كبلد منفتح وديمقراطي، ومن جهة أخرى، هناك تضييق ممنهج على الصحافة المستقلة، اعتقالات سياسية، ومحاكمات تعكس استمرار استعمال القضاء كأداة لضبط المجال العام”.

وفي تقييمها للوضع السياسي والحقوقي بالبلاد، ترى الناشطة أن “المشهد يعاني من تآكل واضح للدينامية الحزبية، والأحزاب فقدت جزءا كبيرا من مصداقيتها بسبب هيمنة السلطة المركزية على القرار السياسي وضعف إنتاج نخب قادرة على تقديم بدائل حقيقية”.

“التكنوقراط هم الذين يديرون القطاعات الاستراتيجية، بينما الأحزاب تبقى مجرد أدوات لإضفاء الشرعية الانتخابية. هذه المعادلة تجعل من الصعب الحديث عن تحول ديمقراطي حقيقي، لأن أي ديمقراطية تتطلب أولا مؤسسات قوية، معارضة حقيقية، واستقلالية فعلية للقضاء”، تضيف هدى.

وحول إمكانية ظهور حركات مشابهة في المستقبل، ترى هدى أنه ما دام الوضع يستوجب التغيير والإصلاح فالاحتمال دائما قائم، مشيرة في المقابل إلى أن الديناميات الاحتجاجية في تناسل مستمر منذ ظهور الحركة، وإن كانت مختلفة عما كان في 2011. 

توضح هدى في هذا الصدد: “السياق الإقليمي والدولي تغير، والدولة طورت أساليب أكثر تعقيدا لاحتواء أي موجات احتجاجية، سواء عبر التحكم في المجال الرقمي، أو ضبط الشارع وتفريغه من مضمونه، وكذا عجز الإطارات على التعبئة والتجذر داخل المجتمع بما يسمح لها بتحصيل السند الشعبي، لكن في الوقت نفسه، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تزداد صعوبة، والهوة بين الخطاب الرسمي والواقع تتسع”.

وترى هدى أن الوعي الجمعي عند المغاربة اليوم ليس وعيا خاملا، لكنه أيضا وعي حذر، حيث هناك إدراك بأن أي حراك يحتاج إلى تنظيم قوي واستراتيجية واضحة، وليس مجرد موجة احتجاجية عفوية يسهل احتواؤها.

حركة أسقطت جدار الخوف 

ابتسام تبات، الناشطة بالحركة، سعيدة اليوم بما حققته على المستويين المهني والشخصي، فهي الآن أم لطفل ذو تسع سنين اسمه أمجد، وتشغل منصبا في الإدارة التربوية لمدرسة محمد السادس بالمديرية الإقليمية للتربية لتربية والتعليم بسيدي سليمان.

ورغم مشاغل الحياة، لم تترك ابتسام، طموحها النضالي، حيث تشغل في نفس الوقت منصب الكاتبة العامة لمجموعة “شابات من أجل الديمقراطية”، المجموعة التي أسست مباشرة بعد الحراك.

بالنسبة لابتسام، لا يمكن للمرء التخلي عن النفس النضالي مهما أبعدته الأقدار عن الساحة، خصوصا في ظل واقع يرزح تحت وطأة الظلم والتهميش، حيث تظل القناعات الراسخة والدوافع النبيلة دافعا للاستمرار في الدفاع عن العدالة الاجتماعية بأشكال مختلفة.

تعتقد ابتسام أن حركة “20 فبراير” حققت في ظرف سنة واحدة ما لم تحققه الكثير من الحركات والأحزاب السياسية في عشرات السنوات، حيث أن أهم ما تحقق كان دستور 2011، “فليس من السهل بمكان أن تستطيع حركة شبابية خلال سنة واحدة أن تفرض، بمجهود نضالي شبابي عفوي منفلت، تغييرا دستوريا لم تتمكن من فرضه المذكرات الحزبية لسنوات طويلة، بغض النظر عما يمكن أن يقال عن طبيعة التعديلات التي جاء بها هذا الدستور”، كما تقول  ابتسام. 

لا يمكن إنكار فضل “20 فبراير” في إزاحة جدار الخوف الذي انبنى أمام المغاربة لعقود منذ سنوات القمع والجمر والرصاص، هذا ما تراه ابتسام، قبل أن تستطرد: “صار العمل السياسي مصاحبا للسجن والقمع، وصارت كل الفئات، اقتداء بهذ الحراك، قادرة على تخطي الخوف والاحتجاج في الشارع”. 

واعتبرت أن “20 فبراير” أسست للفعل السياسي العلني الذي لا يتبع القوالب الكلاسيكسة الجاهزة، فصار من الممكن ممارسة الاحتجاج باستقلال عن الوصاية الحزبية أو النقابية بصورتها التقليدية.

وأكدت أن هناك أمور كثيرة ومكاسب هامة حققتها هذه الحركة، بالإضافة إلى مساهمتها في تحسين وضعية العديد من الفئات وتجويد العمل السياسي، وإثراء المشهد بظهور حركات نضالية واحتجاجية جديدة بعيدة عن القوالب التقليدية، كما تجلى ذلك في تأسيس عدد من المجموعات والتنسيقيات، وتطور العمل المدني والجمعوي.

أما فيما يخص الوضع السياسي بعد الحركة، ترى ابتسام أن الأحزاب السياسية المغربية لم تلتقط الإشارة بما يكفي، وبقيت حبيسة قوالبها الجاهزة وآلياتها التواصلية والنضالية القديمة، فلم تتمكن من إدماج الحركات الشبابية الجديدة واعتماد الأساليب التي صار يستخدمها الشباب اليوم في تعبيراتهم السياسية الاحتجاجية.

بذلك، فالأحزاب الجدية والوطنية، في تخلفها عن هذا الركب، اندحرت وتقهقرت مقابل تقدم الأحزاب ذات الطابع الإداري والتقني التي تخدم مصالحها الضيقة، هذا ما استنتجت ابتسام، مشددة على ضرورة استحضار الفاعل السياسي اليوم لهذه اللحظة التاريخية من أجل تصحيح منهجية عمله، وتقويم أدوات خطابه.

وعن سؤال “هنّ” حول الحاجة إلى حركة جديدة، تجيب ابتسام بالقول إن كل حركة نضالية أو سياسية جديدة ليست وليدة رغبة أحد، ولكن هي نابعة أساسا من سياق سياسي وتاريخي وثقافي يعيشه كل بلد على حدة. لذلك “إذا فرضت الظروف، مُجتمِعَة، انبثاق حركة جديدة مثل “20 فبراير”، فالضرورة والشروط الموضوعية ستفرض وجودها، وإن لم يكن الأمر كذلك، فلن تكون هناك حاجة لمثل هذه الحركة، لتنبثق حركة مغايرة لها.

لحظة حلم جميل

سارة سوجار الناشطة البارزة في حركة “20 فبراير”، هي الآن محامية متمرنة في هيئة الرباط، وطالبة باحثة في سلك الدكتوراه حول السياسات الأمنية والهجرة في المنطقة الأورومتوسطية، تتذكر في تصريحها إلى منصة “هنّ” تلك التجربة الفبرايرية الفريدة.

بالنسبة لسارة، لذلك الحدث دلالات عميقة، إذ شكل لحظة مفصلية في التاريخ السياسي الراهن للمغرب، حيث قلب العديد من المعادلات والتوازنات، بعد فترة سياسية روتينية امتدت ما بين عامي 2007 و2011.

تعيش سارة هذه السنوات الأربع عشرة بالكثير من الحنين والاعتزاز، فكل يوم تعود لمشاهدة فيديوهات وكلمات وتدوينات “20 فبراير”، وتتذكر التضحيات الكبيرة التي قدموها جميعا.

في هذا الصدد، عبرت سارة عن حزنها لفقدان عدد من النشطاء والناشطات الذين غيبهم الموت، منهم غزلان بنعمر، وبشرى الشتواني، وأسامة الخليفي، “أتذكر التضحيات الكبيرة التي قدمها شباب الحركة، الذين ضحوا بحريتهم وحياتهم ومستقبلهم. هناك معاناة وأحداث لا يمكن البوح بها، لكنها محفورة في ذاكرة كل فرد منا”، تضيف سارة.

وتستطرد: “عرفانا لهؤلاء جميعا، علينا أن نكون ممتنين لكل من ناضل أو رفع شعارا، صغيرا كان أم كبيرا، خلال تلك اللحظة التاريخية”.  

وأشارت سارة إلى أن “20 فبراير” كذبت أطروحة عزوف الشباب عن السياسة، وأكدت أن الشباب كان عازفا في الأصل عن ممارستها في إطارها الكلاسيكي، من خلال التعبير عن الرأي والموقف وفق آليات مختلفة كما حدث خلال لحظة “20 فبراير”، حيث مارس الشباب السياسة بأسس جديدة ومطالب واضحة.

“كان الاعتقاد السائد أن الفعل الاحتجاجي في المغرب انتهى مع سنوات الرصاص وما سمي بالمصالحة، وأن فئات قليلة فقط هي التي تخرج إلى الشارع، كما أن المطالب الديمقراطية انتهت في ستينات وسبعينات القرن الماضي. لكن هذه الحركة فندت كل هذه الاعتقادات، وأثبت أن الاحتجاج لا يزال متجذرا في الحمض النووي لجميع المغاربة، الذين مازالوا قادرين على المطالبة بحقوقهم المشروعة، والدعوة إلى دمقرطة البنية السياسية”، توضح سوجار.

وترى سارة في “20 فبراير” لحظة حلم جميل، مليء بالتوقعات الكبيرة والتضحيات، حيث بلغ الفعل السياسي أوجه، بحضور شباب يافعين حالمين ومؤمنين بالتغيير بكل طاقتهم الفكرية والجسدية والعاطفية، كما كانت تكوينا سياسيا هاما لأبنائها، الذين كانوا في احتكاك مباشر مع السلطة والجماهير. 

على المستوى الشخصي، كانت لحظة نضج بالنسبة لسارة، مليئة بالكثير من الحب، سارة اليوم تحرص على المحافظة على علاقاتها الجميلة مع الرفاق، واحترامهم على قدم المساواة رغم اختلاف التقديرات والمسارات، حتى المواقف أحيانا، “هذه اللحظة كانت لحظة عطاء بلا شروط، وكل فرد منا تصرف بالطريقة ذاتها. لم نكن بخيلين، لا في جهدنا ولا في عطائنا”، حسب تعبيرها. 

لكن، سرعان ما وقعت انتكاسة في قضايا الحقوق والحريات، حيث بدأ سيل من الاعتقالات والاستشهادات، كما سجن العديد من الرفاق، تتذكر سارة تلك اللحظات في تصريحها لـ”هنَّ”: “عشنا هذا التدهور في الحقوق والحريات، ونشهد إلى اليوم استمرار الاعتقالات السياسية، واضطهاد حرية التعبير والرأي، وارتفاع وتيرة التشهير ضد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحافيين والصحافيات، إضافة إلى القمع الممنهج للصحفيين والنشطاء والجمعيات الحقوقية الجادة، بالإضافة إلى المتابعات المستمرة للمدونين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي”. 

وتزيد سارة: “هذا الواقع تفاقم منذ اعتقال نشطاء حراك الريف سنة 2017، ولا يزال مستمرا حتى اليوم، حيث نشهد اعتقالات بسبب تدوينات أو آراء، آخرها اعتقال رضوان القسطيط بسبب منشورات حول القضية الفلسطينية. إننا أمام واقع مركب لاضطهاد الحقوق والحريات، وسط هيمنة مطلقة للمقاربة الأمنية”. 

ممارسة سياسية مبتذلة 

انتهزت سارة فرصة حديثها إلى “هنّ” للمطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين، “كانت أحلامنا كبيرة، كنا نطمح إلى دمقرطة النظام السياسي، لكننا وجدنا أنفسنا نطالب فقط بالإفراج عن المعتقلين، لذلك أؤكد في كل سنة، وفي كل لحظة، على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وخصوصا منهم معتقلي حراك الريف”.  

واعتبرت أن الممارسة السياسية في المغرب تشهد تراجعا بشكل ملحوظ، إذ “أصبح الخلل واضحا في سلوكها وخطابها وأدائها، اليوم، كما أصبحت تتسم بالابتذال، وتفتقر إلى الجرأة، كما انها غير مؤطرة، ولا تقوم على مطالب واضحة، متأسفة لغياب حركة سياسية قادرة على استيعاب الفعل الاحتجاجي، أو احتضان الحركات الاجتماعية والمدنية، والدفاع عن مطالب الشارع”.  

واعترفت سارة بأن حركة “20 فبراير” ربما فشلت في صناعة حركة سياسية تواكب مطالب الشارع، “ربما لم تكن لدينا القدرة الكافية لإنتاج حركة سياسية قوية ذات مطالب واضحة وجريئة تعكس تطلعات الشارع، لذا أتمنى أن تتمكن الدينامية المغربية من خلق هذه الحركة وتطويرها مستقبلا، حتى ننتقل إلى ممارسة سياسية حقيقية تفرض الديمقراطية، لأن الأنظمة السياسية لا تتغير إلا بالنضال”.

ورغم أن الفعل الاحتجاجي في المغرب يشهد حالة مد وجزر، ترى سارة بأنه لا يزال قويا. رغم غياب حركة سياسية تمثله وتدافع عنه، “رأينا ذلك في احتجاجات الأساتذة، ثم الأطباء، ثم الحركات الاجتماعية في زاكورة، وورزازات، وفكيك، وغيرها”، تضيف سارة.  

واعتبرت أن النظام السياسي في المغرب لا يتفاعل بشكل إيجابي، بسبب غياب قنوات للحوار، وآليات للإصغاء، وفضاءات لإيجاد الحلول، وفي غالب الأحيان، يكون رد الدولة مقتصرا على الاعتقال، والقمع، والتشهير، كما تقول سارة.

وشددت على أن المغرب يحتاج إلى حوار سياسي ديمقراطي وعلني، لنقاش الحالة التي وصل إليها الوضع السياسي والاجتماعي بالبلاد.  

وتؤكد على أن “20 فبراير” كانت لحظة عظيمة، لكن “حجم الانتكاسة التي تلتها كانت بنفس حجم العمل الذي بذل، لكننا لا نزال نقاوم، والدليل أنه كلما كانت هناك معركة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، تجد وجها من وجوه الحركة في الصفوف الأمامية”.

وختمت سارة تصريحها لـ”هنّ” بالمطالبة، مرة أخرى، بالإفراج عن المعتقلين، “أطالب بشكل عاجل بالإفراج عن جميع المعتقلين، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف الذين ظلموا كثيرا، ويستحقون الحرية. يكفي ما تعرضوا له، فقد مرت ثماني سنوات على اعتقالهم. كما أطالب بالإفراج عن باقي المعتقلين السياسيين، والمدونين، والصحافيين الذين لا يزالون في السجون”.  

“وفي هذا اليوم، أحيي الشعب المغربي على كل اللحظات القوية التي صنعها في تاريخه ومسيرته من أجل الحق والعدالة، وكما أقول في هذه المناسبة دائما: عواشرنا مبروكة”، تضيف سارة.

اقرأ أيضا

  • التشهير.. سلاح يغتال النساء 

    يعتبر التشهير من أكثر الأسلحة استخداما في الاغتيال المعنوي، ضد النساء المشتغلات في المجال العام، فتلك الوصفة السحرية لإزاحتهن من الواجهة تبدأ بنشر "إشاعة" أو معلومة لها علاقة بسمعتهن، وهكذا بدون أدنى مجهود وبسبب الضغط الأسري والمجتمعي تتراجع الضحية إلى الوراء، وفي أحيان كثيرة تختفي عن الأنظار، وتضع حدا لنشاطها السياسي أو الحقوقي، ولطالما استخدمت…

    Hounna | هنّ|

  • قيود مجتمعية وقانونية تحد من المشاركة السياسية للمرأة الليبية

    لا تزال المرأة الليبية تعاني من القيود القانونية ومن الضغوط الاجتماعية والثقافية التي تحد من مشاركتها في تدبير الشأن العام، فقد أتيحت فرص قليلة للمرأة للوصول إلى القيادة السياسية وصناعة القرار. وكانت السياسة عموما في عهد القذافي "مجالا حكرا على الرجال"، وعملت عائلات عديدة على إحباط مشاركة بناتهن في الحياة السياسية بمبرر حماية "شرفهن" حتى…

    Hounna | هنّ|

  •  :  إصلاح “مدونة الأسرة”.. الجدل بين المحافظين والحداثيين يقسم المغرب

    مع اقتراب انتهاء المهلة التي أعطاها العاهل المغربي، لتعديل "مدونة الأسرة"، قبل 26 مارس الجاري، يعيش المغرب انقساما بين المحافظين والحداثيين، فصفحة "المدونة كاتسنانا"، على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، والتي ترفع شعار "في انتظار عهد جديد لقانون الأسرة في المغرب"،  لحملة أطلقتها، تظهر تطلعات المنظمات النسوية وجمعيات المجتمع المدني في المغرب، للإصلاح "مدونة الأسرة"، التي…

    Hounna | هنّ|

  • بين المشاركة والمقاطعة.. موقع المرأة الجزائرية في معركة الانتخابات 

    تتجه اليوم، الفئة الناخبة الجزائرية إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثل الشعب الجزائري، ورئيسًا جديدًا يحكم البلاد لمدة خمس سنوات قادمة، في انتخابات مسبقة، ويخوض هذا الاستحقاق  ثلاثة مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، الذي صعد إلى سدة الحكم في عام 2019 بعد رحيل بوتفليقة، ويرافقه في هذا السباق  كل من يوسف أوشيش عن حزب…

    ماجدة زوين|

  • الفيديوهات

  • “لم نتوصل بالدعم”..نساء الحوز يكشفن الوجه الآخر لإهمال ضحايا الزلزال

    يبدو أن بلدة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، جنوب مدينة مراكش، لن تتعافى قريبا من تبعات الزلزال الذي بعثر سبل العيش هناك، خاصة أن أغلب سكان البلدة كانوا يعيشون على نشاط السياحة الداخلية التي يجلبها ضريح مولاي إبراهيم، فالتجارة والإيواء وخدمات أخرى توفرها الساكنة، خاصة نسائها، توقفت اليوم بشكل كلي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة…

  • محاكمة عسكرية للمعارضة التونسية شيماء عيسى

    لم تغلق المحكمة العسكرية بعد، ملف محاكمة شيماء عيسى، المعارضة التونسية والقيادية في جبهة الخلاص الوطني، فقد تم تأجيل جلسة، محاكمتها إلى 10 أكتوبر، القادم.

  • ختان البنات موروث ملطخ بالدم

    تنتشر ظاهرة ختان الإناث بصورة كبيرة في عموم مناطق موريتانيا، إذ تحتل البلاد المرتبة الثامنة عالمياً. ويعتبر ختان البنات موروثاً وتقليداً في المجتمع الموريتاني ويهدف إلى المحافظة على عذرية البنات و"تهذيب شهوتهن" الجنسية، وفقا للمدافعين عنه بينما تشجب فئات اجتماعة أخرى في البلاد هذه الظاهرة.

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.