“تقرحت يديّ وتشققت كما أعاني من حساسية مزمنة تحت الأظافر بسبب استخراج الملح يدويا، كل هذا لأعيش أنا وأولادي حياة كريمة دون الحاجة إلى أحد”، تتحدث فاطمة (35 سنة) في تصريح خاص لمنصة “هنّ” حول عملها في استخراج الملح منذ 5 سنوات.
تحت درجات حرارة شديدة الارتفاع تحصل فاطمة على أقل من نصف دولار لقاء كل كيس ملح تستخرجه بأدوات بدائية ومشقةٍ بالغة.

عمل قاس ومقابل زهيد
مهنة صعبة وشاقة تمارسها عدد من النسوة في ضواحي مدينة تيشيت، في عمق الصحراء الموريتانية على بعد أكثر من ألف كيلومتر إلى الشرق من العاصمة نواكشوط، إذ يعملن على استخراج الملح بوسائل بدائية من إحدى السباخ التي يصل عمرها لعدة قرون.
حليمة في عقدها الثالث تحمل ابنتها على ظهرها يوميا لتمارس واحدة من أكثر المهن قسوة..تتحدث حليمة لمنصة “هُنّ” “أتواجد في هذا المكان القصي منذ ساعات الصباح الأولى حاملةً ابنتي على ظهري، أعمل في طقس جاف وبوسائل يدوية بدائية، لأحصل في نهاية اليوم على مائة أوقية قديمة فقط”.
وتختتم حليمة حديثها بأنه “على دولة توفير وسائل نقل لنا لنتمكن من بيع الملح الذي نستخرجه بأسعار معقولة مقابل مجهودنا الكبير”.
الفقر يقتلنا تدريجاً

عشرات النسوة أرغمهن الفقر والأوضاع المعيشة الصعبة على دخول السباخ الصحراوية القاسية ودفع الثمن غاليا من صحتهن لتوفير لقمة عيش متواضعة. ورغم أن عمل هؤلاء النساء يمثل المتنفس الاقتصادي الوحيد في هذه المنطقة الصحراوية المقطوعة عن العالم، إلا أنه لا يعود عليهن بالكثير ولا تحظى جهودهن بالتقدير الكاف.
عائشة سيدة ستينية قضت 30 عاما في هذه المهنة تشرح لـ”هنّ” “النساء يستخرجن الملح ويشرفن على وضعه في أكياس مرتبة ثم ينقله الرجال على ظهر الإبل لبيعه في أنحاء البلد”.
ومضت تقول بصوت يائس “على الرغم من أن الحياة في هذه المنطقة متوقفة على مجهودنا فإن العائد المادي يشعرني بشيء من الشفقة على حالي وحال هؤلاء النسوة، فلا مستقل مشرق ينتظرهن ولن يحظين بالأمان الاقتصادي أبدا”
وتقع هذه السباخ بالقرب من مدينة تيشيت على بعد مئات الكيلومترات إلى الشرق من العاصمة نواكشوط وسط صحراء مترامية الأطراف ما جعل الوصول إليها مهمة شاقة إن لم تكن مستحيلة. ووسط هذه العزلة تستمر هؤلاء النسوة في الكفاح من أجل البقاء في غياب تام لأي شكل من أشكال الحياة المدنية.