انتظارات التونسيات من الرئيس القادم للبلاد: “تحقيق العدالة الاجتماعية المفقودة في تونس” 

دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى إجراء انتخابات رئاسية في 6 أكتوبر الجاري، حسبما أشار بيان رسمي مقتضب من الرئاسة، صدر مطلع شهر يوليوز الماضي.

وتأتي هذه الانتخابات الرئاسية في سياق انتخابي “تم خلاله ضرب كل ما تم تركيزه من مبادئ الانظمة الديمقراطية”، حسب نشطاء حقوق الإنسان في البلاد، كما يرجح في سابقة من نوعها أن يقع تنقيح القانون الانتخابي. 

وفي مسار “يسوده الكثير من الغموض والتوتر وعدم الاستقرار، وتفوح منه رائحة الاستبداد والتضييق والتراجع عن مكتسبات ثورة الحرية والكرامة 17 ديسمبر- 14 جانفي 2011″؛ حسب العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية؛ يتجه عموم التونسيين والتونسيات يوم 6 أكتوبر2024  نحو صناديق الاقتراع، مرة ثالثة، لاختيار رئيسٍ جديدٍ للجمهورية. 

في هذا الموعد الانتخابي، الذي رفضت فيه الهيئة المشرفة على الانتخابات؛ “تطبيق حكم المحكمة الإدارية باعادة 3 مترشحين لسباق الرئاسية”؛ يتنافس ثلاثة مترشحين، هم؛ الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد، ومرشح حركة مراقبون العياشي زمال، الذي يخوض حملته من داخل السجن بعد إيقافه على خلفية شبهات افتعال وثائق في علاقة بالتزكيات، وزهير المغزاوي مرشح حزب حركة الشعب ذو التوجه الناصري القومي العروبي. 

وفي مؤشرات عامة قد تتغير في ما بعد الانتخابات المنتظرة، قامت منصة “هنّ” بجمع آراء عدد من النساء؛ من تخصصات مختلفة لمعرفة انتظاراتهنَّ من الرئيس القادم للجمهورية التونسية. 

وأجمعت جميع الإجابات التي استقتها “هنَّ” على “ضرورة التغيير”، وكشفت عن نوع من عدم الرضا عند السواد الأعظم، خاصة في ما يتعلق بـ”واقع المرأة خلال الخمس سنوات الماضية”.

وترى أحلام بوسروال، الناشطة النسوية والكاتبة العامة لـ”الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات”، أنها تجب “إعادة التناصف إلى القانون الانتخابي”.

واعتبرت أن “إلغاؤه كان أحد العوامل المباشرة التي تسببت في انسحاب المرأة من الشأن العام، ما قلص تواجدها في الفضاءات المشتركة ومواقع القرار”.

وذكرت بوسروال أن “الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات” دأبت عند كل استحقاق انتخابي، على “تذكير المترشحين بصفة عامة بمكتسبات المرأة التونسية وبالنقاط التي يجب تداركها”. 

وشددت على أن “الوقت قد حان لانضمام تونس على اتفاقية إسطنبول، لمناهضة العنف ضد النساء والعنف المنزلي، والذي يجب أن يكون مصاحبا لسن قانون خاص بتقتيل النساء يكون مكمل للقانون عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة”.

وتشير بوسروال إلى أن “حماية المرأة والفتاة في تونس من العنف الإلكتروني والجرائم السيريانية لا يمكن أن يكون عبر المرسوم 54؛ المصادر للحريات والذي يعتمده النظام لضرب خصومه وتكميم الأفواه،  بل يكون عبر قانون شامل لهذا النوع من الجرائم لا يمس من روح الحق في حرية التعبير والنشر”.

من ناحيتها، تعتبر إيمان حامدي وهي صحفية متخصصة في قضايا الهجرة، أن المطلوب من الرئيس الجديد، هو “تحقيق العدالة الاجتماعية المفقودة في تونس منذ 60 عاما”.

وتوضح حامدي أن جزءًا كبيرًا من النساء العاملات بسواعدهنَّ “مازالن إلى غاية اليوم خارج منظومات التغطية والعدالة الاجتماعية الحقيقية، رغم ترسانة القوانين التي تبدو ديمقراطية وتقدمية”.

“نجد نساء معرضات لجميع أنواع الاستغلال، يعشن مهمشاتٍ ويتلقين أجرًا أقل بكثير من الرجال، والرئيس القادم مطالب أن يكون له برامج واستراتيجيات يمكن من خلالها بناء مؤسسات جديدة؛ تعوض المؤسسات القائمة بشكل تكون قادرة من خلاله على حماية النساء بشكل جيد، أينما وجدوا في المناطق الريفية أو الحضرية”، تقول حامدي.

واعتبرت أن الرئيس معني أيضا “بحماية مكتسب الحرية وتدارك بوادر التراجع المسجل خلال السنوات الأخيرة، والذي نال حقوق أساسية فردية وعامة راكمها التونسيون والتونسيات منذ 14 جانفي 2011”.

وترى حميدة ناصر، وهي عاملة نظافة في إحدى الإدارات، أن “الرفع من الأجر الأدنى المضمون، والتحكم في غلاء المعيشة والنقص في الضرائب” هي الإجراءات الأساسية وذات الأولوية التي على رئيس الجمهورية القادم أن يتخذها مباشرة بعد فوزه في الانتخابات القادمة. 

وحسب رأي ناصر، فإن “مقاومة الجريمة وخاصة فيما يتعلق بانتشار المواد المخدرة في المؤسسات التعليمية ومحيطها” تأتي في مرتبة ثانية وبنفس الدرجة مسألة تحسين البنية التحتية والطرقات وتوفير وسائل النقل العمومي؛ فهي جميعها “مسائل أنهكت التونسيين والتونسيات، ولها وقع أكبر على المرأة التي أصبحت الفضاءات العامة، الشارع ووسائل النقل، فضاءات غير آمنة ومهددة لها”.

وتجدر الإشارة إلى أن تونس، عرفت خلال السنوات الأخيرة تراجعًا في مكتسبات النساء، ويعد إلغاء مبدأ التناصف من القانون الانتخابي أبرزها. 

ويعتبر النشطاء والناشطات في المجال المدني أنه كان من أسباب تراجع مشاركة المرأة في المواعيد الانتخابية وتمثيليتها في المجالس المنتخبة، وفي انسحابها من المشهد العام.   

هذا، وتعد النساء نحو 51 بالمائة من الجسم الانتخابي، مقابل 49 بالمائة من الرجال، مع العلم أن الـ9 مليون و722 ألف ناخب تونسي سيتجهون إلى مراكز الاقتراع يوم الـ6 من أكتوبر الجاري، من أجل اختيار رئيس للجمهورية؛ بينهم 622 ألف ناخب وناخبة بالخارج، و9 مليون و100 ناخب وناخبة في الداخل، موزعين على ربوع البلاد. 

اقرأ أيضا

  • تنقيح مرسوم الجمعيات في تونس: “سقوط آخر قلاع الحرية” 

     منظمات المجتمع المدني التونسي على تباين أنشطتها الحقوقية والبيئية والأكاديمية والاجتماعية والصحية؛ تتفق على "مبدأ عدم المس من المرسوم 88 لسنة 2011"، المتعلق بتنظيم الجمعيات والاتجاه نحو حسن تطبيقه.  ويصف الجسم الحقوقي أي محاولات لتغيير المرسوم أو تنقيحه ضمن مسار مبرمج، بأنها "منهجية للسلطة الحالية لإضعاف كل الأجسام الوسيطة التي انطلق في تنفيذها مسار 25…

    ريم بلقاسم|

  • هل سيدعم الجزائريون زبيدة عسول لتكون أول امراة تترأس البلاد؟  

     فاجأت المحامية والقاضية السابقة، زبيدة عسول؛ الساحة السياسية الجزائرية بترشحها للانتخابات   الرئاسية المقبلة المقررة في 7 سبتمبر 2024، وهو قرار اعتبره البعض شجاعا في ظل الانغلاق السياسي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات. ترشح زبيدة عسول، زعيمة حزب "الاتحاد من أجل التغيير والرقي"، حرك المياه الراكدة حول الانتخابات في الجزائر، وسط صمت كبير من طرف…

    ماجدة زوين|

  • العنف والسجن والابتزاز والتهجير.. أساليب تقوض مشاركة النساء في الحياة السياسية بتونس

    في تونس ما بعد الـ25 يوليو 2021، أصبحت التونسيات تدفعن ثمنًا باهضًا بسبب مشاركتهن في الحياة السياسية والمدنية؛ فبمجرد أن يكون لهنّ ظهور لافت في وسائل الإعلام أو يحضرن في حراكٍ احتجاجي أو وقفات أو تظاهرات؛ إلا ويكنّ عرضةً لحملات تشهيرٍ إلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي حالات كثيرة تعرضن لتهديدات كبيرة في الفضاءات العامة،…

    ريم بلقاسم|

  • قيود مجتمعية وقانونية تحد من المشاركة السياسية للمرأة الليبية

    لا تزال المرأة الليبية تعاني من القيود القانونية ومن الضغوط الاجتماعية والثقافية التي تحد من مشاركتها في تدبير الشأن العام، فقد أتيحت فرص قليلة للمرأة للوصول إلى القيادة السياسية وصناعة القرار. وكانت السياسة عموما في عهد القذافي "مجالا حكرا على الرجال"، وعملت عائلات عديدة على إحباط مشاركة بناتهن في الحياة السياسية بمبرر حماية "شرفهن" حتى…

    Hounna | هنّ|

  • الفيديوهات

  • “لم نتوصل بالدعم”..نساء الحوز يكشفن الوجه الآخر لإهمال ضحايا الزلزال

    يبدو أن بلدة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، جنوب مدينة مراكش، لن تتعافى قريبا من تبعات الزلزال الذي بعثر سبل العيش هناك، خاصة أن أغلب سكان البلدة كانوا يعيشون على نشاط السياحة الداخلية التي يجلبها ضريح مولاي إبراهيم، فالتجارة والإيواء وخدمات أخرى توفرها الساكنة، خاصة نسائها، توقفت اليوم بشكل كلي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة…

  • محاكمة عسكرية للمعارضة التونسية شيماء عيسى

    لم تغلق المحكمة العسكرية بعد، ملف محاكمة شيماء عيسى، المعارضة التونسية والقيادية في جبهة الخلاص الوطني، فقد تم تأجيل جلسة، محاكمتها إلى 10 أكتوبر، القادم.

  • ختان البنات موروث ملطخ بالدم

    تنتشر ظاهرة ختان الإناث بصورة كبيرة في عموم مناطق موريتانيا، إذ تحتل البلاد المرتبة الثامنة عالمياً. ويعتبر ختان البنات موروثاً وتقليداً في المجتمع الموريتاني ويهدف إلى المحافظة على عذرية البنات و"تهذيب شهوتهن" الجنسية، وفقا للمدافعين عنه بينما تشجب فئات اجتماعة أخرى في البلاد هذه الظاهرة.

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.