الدورة الشهرية خلال رمضان.. “وصمة عار” أم أمر طبيعي ؟

“كنت أتساءل كل شهر رمضان، لماذا يصوم إخوتي الذكور الشهر كاملا، بينما أنا رمضاني ناقص، وعليّ تعويض تلك الأيام المسروقة من الشهر بعد انتهائه… لم أكن أفهم معنى أن الحائض ممنوعة من الصوم والصلاة”، تستهل فاطمة ذات الـ32 ربيعا والمقيمة في الرباط حديثها لـ”هنّ”، مضيفة “في أول رمضان لي، طلبت مني أمي تناول الطعام في غرفتي حين يغادر والدي وإخوتي البيت، يومها كرهت جسدي وتمنيت لو كنت ولدا حتى لا أعيش هذا الموقف”.

تحرص النساء في المجتمعات العربية، خلال شهر رمضان على إخفاء معالم “دورتهن الشهرية”، تجنبا للإحراج أو الاضطرار للكذب حيال صيامهن من عدمه، حيث يعتبر الحديث عن هذا الموضوع من “الطابوهات”، وفي أحيان كثيرة، يكون مدعاة للخجل والنقص في الآن ذاته. وفي السنوات الأخيرة أصبحت العديد من النساء تستخدم حبوب منع الحمل أو الحقن لتأخير الدورة الشهرية خلال شهر رمضان، حتى يتمكنَ من صوم الشهر كاملا.

لم تحظ فاطمة بتوضيح من والدتها، ولم تشرح لها كيف تحولت من طفلة إلى إمرأة فجأة في عيونها وعيون عائلتها، لماذا لم يتم منحها وقتا كافيا لاستيعاب تغيرات جسدها الصغير، “كنت أحاول في كل مرة أن أثبت لإخوتي أنني مثلهم أصوم وألعب ولا شيء تغير، لكن ذلك الإحساس بالخوف من تسرب بقعة دم على تنورتي كان مرعبا”، تشرح فاطمة.

 وتوضح فاطمة “لم أفهم لماذا لم تجلس والتي معنا جميعا لتوضح لنا أن ما أعيشه هو أمر طبيعي وجزء من طبيعة جسد الأنثى، لم استوعب لماذا لم تكن والدتي بسلطتها وجبروتها، تستطيع الأكل أمام الجميع،  كانت تسرق اللقمة مختفية في زاوية المطبخ.. وذلك المشهد كان يمنحني إحساسًا أن النساء أقل من الرجال”.

في تونس لا تختلف الأمور كثيراً عن المغرب، فالعادات هي نفسها حين يتعلق الأمر بجسد المرأة، “حين كنت أقطن مع عائلتي كنت مضطرة في أحيان كثيرة أن أصوم حتى وأنا حائض، لأنني لم أكن أجد فرصة لتناول الطعام بعيدًا عن أعين إخوتي وأعمامي، وما كان يغضبني أكثر أنني مضطرة لصوم تلك الأيام مرة أخرى مباشرة بعد انتهاء رمضان، لأن والدتي تفضل أن نصومها في شهر شوال”، تقول أمينة في حديثها لـ”هنّ”.

وتضيف الشابة “لم أتحرر من هذا الضغط المجتمعي إلا حين انتقلت إلى العاصمة للدراسة، فعندها أصبحت متصالحة أكثر مع جسدي، ومن خلال النقاش مع صديقاتي فهمت أن الأكل خلال أيام الحيض حقي الشرعي، وأنه ليس عيبًا  ولا حرامًا”.

اقرأ أيضا

  • الخادمات المنزليات.. إستعبادٌ للقاصرات في المغرب 

    رغم دخول قانون يمنع تشغيل خادمات المنازل اللواتي لم يبلغن سن الرشد؛ حيز التنفيذ في أكتوبر من السنة الماضية، إلا أن هذا القانون لم يجد طريقه بعد إلى التطبيق، بحيث لاتزال العديد من الأسر المغربية، تشغل القاصرات المنحدرات من القرى والبوادي، وتلك صورة يصفها الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان بأنها "عبودية حديثة". وجعل هذا…

    Hounna | هنّ|

  • تحقيق| زواج القاصرات.. تطبيعٌ مجتمعي يخترق ثغرات القانون بالمغرب 

    مريم، هي فتاة تبلغ من العمر الآن 23 عامًا، تم تزويجها عندما كانت قاصرًا، في سن الـ13 سنة بمدينة الدار البيضاء، والطريقة التي تم بها زواجها، بسيطة للغاية؛ كما هو حال الكثيرات في المغرب؛ من خلال الزواج العرفي، وهو ما يسمى "عقد القران" الذي يتم بمجرد قراءة الفاتحة. الطفلات لا يمتلكن الأهلية للقبول   في زواج…

    سعيد المرابط|

  • بدون إذن الأب.. المغرب يمنح الأم حق استصدار جواز سفر الأبناء

    بالتزامن مع النقاش الدائر حول تعديلات مدونة الأسرة، أصدرت وزارة الداخلية المغربية دوريةً عممتها على عدد من القنصليات المغربية في الخارج، وأعلنتها قنصليتَا المغرب في نيويورك ومدريد، تمكن المغربيات من استخراج أو تجديد جواز السفر لفائدة أبنائهن القاصرين دون موافقة قبلية من الأب. "المرأة المغربية أصبح لها الحق في إنجاز أو تجديد أو سحب جوازات…

    Hounna | هنّ|

  • السُّمْنة في موريتانيا.. طريقُ الجمالِ المفروشُ بِالمخاطر

    السُّمْنَةُ، مفهوم جعل كتلة المرأة مرادفًا لثراء الأهل، وشرطًا للزواج في موريتانيا، فهي معيار للجمال لدى المجتمع الموريتاني، وعلى الرغم من خفوتِ التسمين القسري التقليدي، المعروف محليًا بـ"لَبْلُوحْ" أو "اَلتًّبْلَاحْ"، والذي تدرجه الكثير من المنظمات الحقوقية في خانة "العنف ضد المرأة"، إلا أن بعض الشابات تقمن بممارسات جديدة من أجل الوصول لهذا "المثل الأعلى" من…

    Hounna | هنّ|

  • الفيديوهات

  • فاطنة بنت الحسين.. أسطورة العيطة وأيقونة الفن الشعبي في المغرب

    ولدت فاطنة بنت الحسين في منتصف الثلاثينات بمنطقة سيدي بنور، التابعة لدكالة، من عائلة قروية محافظة رفضت ولوجها مجال الغناء، نظرا للسمعة السيئة التي كانت ملتصقة بـ"الشيخة" وقتها. انتقلت فاطنة إلى مدينة اليوسفية، وهناك انضمت إلى فرقة "الشيخ المحجوب"، وزوجته "الشيخة العبدية"، لتحصد شهرة واسعة وصل مداها إلى مدينة آسفي، معقل "العيطة الحصباوية"، وبعدها مدينة…

  • ناسجات الحياة.. نساء بالحوز ينسجن الزرابي بين أنقاض الزلزال

    بالقرب من مركز جماعة أسني بإقليم الحوز، اجتمعت أربع نسوة بدوار "أسلدا" ينسجن الزرابي، بحثا عن مورد رزق، في كوخ من القصب ومغطى بالبلاستيك وورق التعليب، بعد أن دمر الزلزال المكان الذي كن يشتغلن فيه، والذي كان مقرًا لـ"جمعية الدوار"، قبل أن يحوله الزلزال إلى أطلال. في البداية، تحديدًا قبل ثلاثة سنوات من جائحة "كورونا"؛…

  • منع مسيرات تضامنية مع فلسطين “دعم لجرائم الإبادة”

    🟠 منعت مسيرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي، تخليدا ليوم الأرض الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، من طرف قوات الأمن في عدد من المدن المغربية، ما خلف تنديدا واستنكارا واسعينِ من طرف المشاركين في تلك الاحتجاجات.

  • العاملات الفلاحيات هنّ الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

    🔶تعاني الدول المغاربية منذ سنوات من الجفاف على مدار السنة ، ما فاقم نسبة الفقر عموما بهذه الدول وخاصة لدى النساء، وفقدت آلاف العاملات في مجال الفلاحة مورد رزقهن.