منذ سنة 1994، العام الذي شهد انعقاد آخر قمة مغاربية بتونس، جمد “اتحاد المغرب العربي”، الذي بقي جثةً هامدة، إلى سنة 2005، حيث كانت هناك مساعي لإعادة إطلاق الاندماج الإقليمي، غير أن العقيد الراحل معمر القذافي، الذي كان آنذاك يرأس الاتحاد؛ قام بنسف قمة كانت مرتقبة في ماي 2005 لإعادة اطلاق الاندماج الاقتصادي.
وأسس “اتحاد المغرب العربي”، في فبراير 1989 بمدينة مراكش، مكونًا من خمس دول، هي؛ المغرب، موريتانيا، تونس، الجزائر وليبيا.
وظهرت فكرة “اتحاد المغرب العربي”، قبل الاستقلال وتبلورت في أول مؤتمر لـ”أحزاب المغرب العربي”، الذي عقد في مدينة طنجة 1958، والذي ضمَّ ممثلين عن “حزب الاستقلال” المغربي و”الحزب الدستوري” التونسي و”جبهة التحرير الوطني” الجزائرية، غير أن هذه الفكرة نسفت بعد الاستقلال خصوصا بعد اندلاع “حرب الرمال” بين المغرب والجزائر.
في سنة 2012، قام الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي بجولة مغاربية بهدف إعادة إحياء “اتحاد المغرب العربي”، ودعا حينها إلى وضع قضية الصحراء جانبًا من أجل بناء مغرب عربي “تسود فيه حرية التملك وحرية التنقل وحرية العمل وحرية الاستقرار وحرية الانتخابات المحلية”، غير أن هذه المبادرة فشلت.
وتعليقا على تجميد “اتحاد المغرب العربي”، تعتبر مريم بليل، باحثة في العلوم السياسية في تصريح لـ”هنّ” إن “السبب الرئيسي الذي يحول دون بناء اتحاد المغرب الكبير يرتبط بالأساس باشكال تصفية الاستعمار، وما تلاها من استعمار اقتصادي وتأثيراته السياسية، ما جعل الاتحاد محل تهديد للمصالح الاستعمارية الاقتصادية”.
وتشرح الباحثة بليل، أن تلك التهديدات، التي يشكلها هذا التحاد، دفعت “أصحاب هذه المصالح إلى خلق وتعميق الأزمات بين بلدانه، وإلى ترسيخ أسباب وصراعات لا أساس لوجدها، ليظهر أن الاتحاد أمامه الكثير من الإشكالات المعرقلة لقيامه”.
وتعتبر بليل، إن دول المغرب الكبير “تخسر الكثير بعدم تشكيل هذا الاتحاد، خصوصا على المستوى الاقتصادي؛ بحيث قد يشكل ذلك إقلاعا على مستوى الطاقي والصناعي والسياحي والفلاحي، بالإضافة إلى أن الاتحاد قد يشكل قوة ضاغطة تدافع عن مصالح بلدانه”.
وتخلص المتحدثة إلى أن “أهم أمر يفوت الجيران في المغرب الكبير بسبب التفرقة؛ هو التضامن الاجتماعي، وبالنظر إلى إحصائيات السياحة بين الدول التي تفتح الحدود -الجزائر وتونس نموذجا-؛ نرى أن الشعوب اجتماعيا تحس بهذا الترابط وينقصها الاتحاد لتسهيل وتمتين سبل هذا الترابط”.